دافع رئيس وكالة الأمن القومي الأميركية الجنرال كيث الكسندر عن وكالته المتهمة ب «تسميم» العلاقات بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين عبر تنفيذ نشاطات تجسس. وأصرّ خلال مثوله أمام لجنة الاستخبارات في مجلس النواب بأن الوكالة تتصرف بحسب القانون لمنع هجمات «الإرهابيين»، واصفاً تقارير نشرتها صحف «لوموند» الفرنسية و «آل موندو» الإسبانية و «ليسبريسو» الإيطالية عن تجسس الوكالة على اتصالات أوروبيين، واستندت إلى وثائق سرية كشفها المتعاقد السابق مع الوكالة ادوارد سنودن، بأنها «خاطئة». وقال الكسندر تحت اليمين: «لم نجمع معلومات عن أوروبيين، بل تلقيناها من شركائنا في القارة. وما ذكره صحافيون في فرنسا وإسبانيا عن اعتراض وكالة الأمن القومي عشرات ملايين الاتصالات الهاتفية خاطئ تماماً، إذ لم يفهموا ما شاهدته أعينهم، مثل الشخص الذي سرق المعلومات السرية». وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» أفادت بأن «التجسس الهاتفي على دول أوروبية والذي نسب إلى الوكالة الأميركية نفذته أجهزة استخبارات أوروبية ثم سلمته إلى الوكالة الأميركية، في إطار تبادل للمعلومات». وشهدت جلسة الاستماع ذاتها، تنديد مدير الاستخبارات القومية جيمس كلابر الذي يشرف على عمل 16 وكالة استخبارات أميركية بينها وكالة الأمن القومي، ب «عاصفة التسريبات التي تضر بعمل الاستخبارات»، وأضاف: «خبرتي في الاستخبارات عمرها 50 سنة، ومعرفة نيات القادة مبدأ أساسي في ما نحاول جمعه وتحليله». وأوضح أن «الهدف الأساس هو حديد إذا كان ما يقولونه يُطابق ما يحصل. من الحيوي بالنسبة إلينا أن نحدد الاتجاه الذي تسلكه الدول، وكشف سياساتها وتأثيرها علينا في سلسلة مجالات». وأكد كلابر وألكسندر أن دولاً «حليفة» تجسست على الولاياتالمتحدة أو قادتها، «لذا قد لا يعلم أعضاء الوفد البرلماني الأوروبي الذين يزورون واشنطن لطلب توضيحات من الإدارة الأميركية عن نشاطات التجسس في الاتحاد الأوروبي، ما تنفذه أجهزة الاستخبارات في دولهم». لكن الاستخبارات الخارجية الألمانية نفت تجسسها على الأميركيين، وقال رئيس جهازها غيرهارد شيندلر: «لا نراقب الاتصالات انطلاقاً من سفارتنا في واشنطن». والتقى كلابر الوفد الأوروبي أمس، والذي اجتمع أيضاً مع السناتور الديموقراطية دايان فانشتاين، رئيسة لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، قبل أن تصرح نائبة رئيس المفوضية الأوروبية فيفيان ريدينغ بأن «قضية حماية المعلومات الشخصية على الإنترنت يمكن أن تعرقل المشاورات الأطلسية لتوقيع اتفاق للتبادل الحر» والتي كانت بدأت في تموز (يوليو) بدفع من الرئيس أوباما. كذلك التقى وفد من المستشارية الألمانية وأجهزة الاستخبارات الألمانية في واشنطن ممثلين عن الإدارة الأميركية لبحث المعلومات المسرّبة عن تنصت الأخيرة على اتصالات المستشارة انغيلا مركل طيلة 10 سنوات. وتطالب مركل الولاياتالمتحدة بالموافقة على اتفاق «عدم تجسس» مع برلين وباريس بحلول نهاية السنة، من أجل «وضع أسس جديدة للثقة» كما قال الناطق باسمها شتيفن سيبرت. ولم ينفِ البيت الأبيض تقارير عن تنصت الاستخبارات الأميركية على هاتف مركل، لكنه قال إن «هذه النشاطات لا تحصل الآن». كما كشف مسؤول أميركي أن الرئيس أوباما أمر وكالة الأمن القومي أخيراً بالحد من التنصت على مقر الأممالمتحدة في نيويورك، في إطار مراجعة برنامج أميركي للمراقبة الإلكترونية. والحجم الكامل للتنصت الأميركي على مقر الأممالمتحدة غير معروف، وليس واضحاً إذا كانت الولاياتالمتحدة أوقفت كل عمليات مراقبة الديبلوماسيين لدى الأممالمتحدة في نيويورك أو في أماكن أخرى في أنحاء العالم. في إسبانيا، أعلن رئيس الوزراء ماريانو راخوي أن لجنة برلمانية ستستمع إلى رئيس أجهزة الاستخبارات فيليكس سانز رولدان في قضية التجسس الأميركي على اتصالات في بلده. وقال في البرلمان: «إذا ثبتت عمليات التنصت المنسوبة إلى الاستخبارات الأميركية فستكون سلوكاً غير لائق وغير مقبول بين حلفاء وأصدقاء». تجسس روسي - بريطاني على صعيد آخر، كشفت صحيفة «ديلي ميل» أن قادة أجهزة الأمن البريطانية أحبطوا محاولة نفذها جواسيس روس لسرقة معلومات من مكتب رئاسة الحكومة البريطانية (10 داونينغ ستريت). وقالت الصحيفة إن «روسيا منحت مساعدي رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون، ومندوبين أجانب آخرين أجهزة لشحن هواتف نقالة ووحدات تخزين معلومات أجهزة الكومبيوتر كهدايا، من أجل التنصت على اتصالاتهم خلال قمة العشرين التي استضافتها مؤخراً وإرسال المعلومات المطلوبة إلى الكرملين. لكن مستشارين أمنيين حذروا موظفي المكتب من هذه الأجهزة، وطلبوا منهم عدم استخدامها بسبب اشتباههم في مؤامرة من أجهزة الأمن الروسية للتنصت على اتصالات الوفد البريطاني المشارك في قمة العشرين. ونسبت إلى مصدر في الحكومة البريطانية قوله: «لن نتهم الروس علناً بالتجسس، لكن لا أحد من أعضاء الوفد البريطاني استخدم الأجهزة التي قدمها الروس كهدايا، لأنه لم يكن ساذجاً في شأن تسليمها بهذه الطريقة». ويوصي «داوننغ ستريت» موظفيه بعدم أخذ هواتفهم الخليوية في رحلات خارجية، ويزودهم أجهزة خاصة مشفرة.