رأى رئيس «جبهة النضال الوطني» النيابية اللبنانية وليد جنبلاط ان «سورية تتجّه نحو المزيد من العنف والغرق التدريجي في الحرب الأهليّة نتيجة الرفض المتتالي لكل المبادرات ومقترحات الحلول والتمسك الحصري بالمعالجات الأمنيّة والقمعيّة، وهو ما كنا قد حذرنا منه مراراً وتكراراً». وقال جنبلاط الذي يغادر قريباً الى موسكو للقاء كبار المسؤولين فيها، في موقفه الأسبوعي لجريدة «الأنباء» الصادرة عن «الحزب التقدمي الاشتراكي»: «على رغم أنه كان من المفترض أن يكون عديد بعثة المراقبين العرب في سورية أكبر بكثير مما كان قياساً إلى تجربة كوسوفو التي حضر فيها ما يزيد ألفي مراقب دولي من أصحاب الإختصاص بينما حُصر الأمر بعدد قليل من المراقبين في سورية التي كانت تحتاج الى ما لا يقل عن عشرين ألف مراقب نظراً الى مساحتها الجغرافيّة، وربما البعض من هؤلاء المراقبين العرب قد لا يملك الخبرات الكافية في هذه المهمات؛ وعلى رغم الفارق في حرية الحركة التي تمتع بها المراقبون في كوسوفو بعكس التضييق الذي مارسته السلطات السورية بإعتراف تقرير البعثة العربيّة، وعلى رغم كل ما أُشيع حول موقع ودور وتاريخ رئيس البعثة وعمله الأمني السابق في السودان وكلامه الأخير يؤكد ما أُشيع عن إنتمائه لفرق الجنجاويد؛ فإن الجامعة العربيّة قد حاولت أن تبذل جهداً ما لبث أن جوبه بالرفض السوري». وأضاف: «على رغم أن المبادرة الخليجيّة لحل الأزمة اليمنيّة قد أعطت ثمارها أخيراً مع التحفظ عن منح الحصانة الكاملة للرئيس علي عبدالله صالح، فيبدو أن لعبة المحاور الاقليميّة والدوليّة قد حالت دون بناء توافقات وتفاهمات عربيّة شاملة في ما يخص الأزمة السوريّة. ويبدو أن مبادرة الجامعة العربيّة قد وصلت إلى أفق مسدود خصوصاً أنه لا يمكن وضع الظالم والمظلوم في المستوى ذاته والموقع ذاته». وتابع جنبلاط: «حبذا لو يلتزم مندوب لبنان الصمت في الاجتماعات العربيّة بدل التنظير في سبل الخروج من الأزمة السوريّة ويكتفي بسياسة النأي بالنفس حتى اللحظة، للحد من المزيد من ضرب صدقية الدولة اللبنانيّة». واذ حيا جنبلاط بيان المثقفين العلويين الذي جاء «ليرفض إلباس الثورة السورية المطالبة بالحرية والكرامة والديموقراطيّة لباس الطائفيّة والمذهبيّة». سأل: «متى سيُصدر من أبناء جبل العرب بيان مشابه، وهم الذين انتفضوا ضد الظلم الذي مثله الاستعمار الفرنسي وقاده سلطان باشا الأطرش والتقى فيه مع صالح العلي وإبراهيم هنانو وسائر الوطنيين السوريين، فكانت الثورة السوريّة الكبرى؟ فهل ظلم الأجنبي ظلم، وظلم المحلي ليس ظلماً؟ وهل يمكن تصنيف الظالمين بحسب هويتهم أم بحسب استبدادهم وقمعهم؟». وأضاف: «إننا، إذ نحيي الأصوات القليلة إنما الجبّارة التي تتصاعد من جبل العرب رفضاً للقهر والاستبداد، نرفض أن يقوم بعض الوجهاء من أهل الجبل بتغطية ما تقوم به السلطات من قمع وظلم ضد أبناء الشعب السوري، وقد عاد المئات من الجنود الدروز في نعوش إلى ديارهم. أما آن الأوان للجنود الدروز لرفض الأوامر العسكريّة بقتل إخوانهم من أبناء الشعب السوري في حمص وحماة وإدلب والمناطق السوريّة الأخرى، والتزام منازلهم على الأقل؟». وفي مجال آخر، قال جنبلاط: «صحيحٌ أن طهران نفت التصاريح المنسوبة ل (قائد فيلق القدس) قاسم سليماني وكذلك فعل السفير الايراني في بيروت، ولكن كان من الأفضل عدم صدور مواقف كهذه. وهذا يؤكد مجدداً ضرورة العودة الى هيئة الحوار الوطني لبناء خطة دفاعيّة لبنانية تلحظ سبل الاستفادة من القدرات الدفاعيّة لسلاح المقاومة في مواجهة إسرائيل وتفضي الى إمساك الدولة اللبنانيّة بقرار الدفاع عن لبنان ليبقى بمنأى عن التجاذبات الاقليميّة والدوليّة. هذا ما ورد في اتفاق الدوحة (2008). ونحن نأخذ في الاعتبار دائماً الجنون الاسرائيلي الذي قد يدفع المنطقة نحو الفوضى من خلال عدوان مرفوض على إيران. والتصريح الأخير للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يعكس القلق الغربي من مغامرات إسرائيليّة من هذا النوع». ورفض جنبلاط «إعادة استخدام لبنان مرة جديدة كمنصة أو ساحة لتصفية الصراعات الاقليميّة والدوليّة، ونحيي شجاعة السيد مقتدى الصدر الذي رفض أيضاً أن يكون العراق ساحة مماثلة وحلبة لحروب الآخرين على أرضه». كما رفض جنبلاط «الاعتداء الذي تعرض له ثلاثة شبان لبنانيين وقد قضى أحدهم، وهو ما يتطلب أعلى درجات اليقظة والمسؤولية للحيلولة دون إرتفاع وتيرة هذه الأحداث المأسوية. ونتطلع لأن يقوم الجيش اللبناني بضبط الحدود البريّة والبحريّة بالشكل المطلوب لتلافي تكرار هذه الأمور مستقبلاً ونتذكر في هذه المناسبة المطلب القديم بضرورة ترسيم الحدود الذي أقر في الحوار الوطني». واستنكرجنبلاط «الاعتقال التعسفي الذي قامت به سلطات الاحتلال الاسرائيلي بحق رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني عزيز الدويك، وهو يعكس كما في كل مرة الكراهيّة الاسرائيلية العمياء والحقد الكبير الذي تختزنه ضد كل مكونات الشعب الفلسطيني، وهو ما يحتّم تعزيز الوحدة الوطنيّة الفلسطينيّة كأفضل رد على الغطرسة الاسرائيليّة».