أدركت المملكة العربية السعودية قيمة الماء قبل فترة طويلة من إدراكها قيمة النفط. لكن التحديات الخاصة بالمياه في المملكة أكبر مصدر للنفط في العالم تتزايد مع تآكل ايرادات النفط بسبب عمليات تحلية المياه كثيفة استخدام الطاقة. ويبلغ استهلاك المياه في المملكة نحو ضعفي المتوسط العالمي للفرد ويتزايد بوتيرة أسرع مع الزيادة الكبيرة في عدد السكان والتنمية الصناعية في السعودية. والزراعة أكبر مستهلك للمياه في المملكة وتستأثر بنسبة 85 إلى 90 في المئة من الامدادات بالمملكة حسبما قال نائب وزير الزراعة للأبحاث والتنمية. ويتم الحصول على 80 إلى 85 في المئة من هذه الموارد من المياه الجوفية. وتراجعت الرياض في سنة 2008 عن خطة كانت تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح وتستهدف حاليا الاعتماد بنسبة 100 في المئة على الواردات بحلول 2016. وقال عبد الله العبيد نائب وزير الزراعة لشؤون الأبحاث والتنمية إن قرار الاستيراد يهدف إلى توفير المياه وأن المسألة لا تتعلق بالتكلفة مضيفا أن الحكومة تشتري القمح بأسعار أعلى من سعر السوق المحلية. ويقول منتقدون إن الخطر يكمن في لجوء المزارعين السعوديين إلى محاصيل عالية الربحية تستهلك كميات أكبر من المياه. ويقول عبد العزيز رابح الحربي الأستاذ بجامعة الملك سعود وعضو لجنة الزراعة بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض إن كثيراً من المزارعين الذين دأبوا على زراعة القمح تحولوا إلى زراعة الأعلاف الحيوانية ذات الربحية السريعة مضيفاً أنها تستهلك أربعة أمثال المياه التي يحتاجها القمح. وتابع قوله إن مزارعين آخرين يزرعون النخيل بدلاً من القمح وهذا يستهلك كميات كبيرة من المياه أيضاً وقد لا يحقق الهدف المنشود المتمثل في ترشيد الاستهلاك. والزراعة مصدر رئيسي للتنمية وفرص العمل بالمملكة . ويقول مسؤولون زراعيون إنه نظراً لصغر المساحة الصالحة للزراعة في البلاد يجب تطبيق حل شامل. وقال حسن الشهري رئيس مجلس إدارة جمعية القمح التعاونية والمدير العام للشركة السعودية للتنمية الزراعية إن من بين الحلول الممكن تحديد حصص مياه للقطاع الزراعي والعمل على خفض استهلاك القمح الذي يزيد بنسبة خمسة في المئة سنوياً. ودعا أيضاً إلى ضرورة التنسيق بين وزارتي الزراعة والمياه. ويشكل نقص المياه تحدياً كبيراً لآمال المملكة في تطوير قطاع التعدين لتنويع اقتصاد البلاد وذلك لأنه قطاع كثيف استخدام المياه أيضاً. وقال محمد هاني الدباغ نائب الرئيس للمعادن النفيسة والتنقيب بشركة التعدين العربية السعودية المملوكة للدولة إن الذهب موجود لكن لا يوجد ماء مضيفاً أن المياه ثمينة مثل الذهب تماماً. وقال وزير المياه والكهرباء السعودي عبدالله الحصين في مايو آيار الماضي إن الطلب على المياه يرتفع بنسبة تتجاوز سبعة في المئة سنوياً وإنه خلال العقد القادم مطلوب استثمار أكثر من 500 مليار ريال (133 مليار دولار) في قطاع المياه والكهرباء. وتقدر شركة الاستشارات بوز آند كومباني استهلاك المياه في السعودية بحوالي 950 متراً مكعباً للفرد كل عام مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 500 متر مكعب. ويبلغ معدل سقوط الأمطار سنوياً 100 مليمتر في السعودية ولذلك فإن المياه الجوفية تعتبر شريان حياة بالنسبة للمملكة.