صادقت الحكومة الإسرائيلية أمس على تمديد «قانون المواطنة» الموقت الذي يمنع لم شمل العائلات الفلسطينية على جانبي «الخط الأخضر». وسيتم التمديد لعام آخر إلى حين انتهاء الكنيست من تشريع قانون دائم أتاحت المحكمة الإسرائيلية العليا تشريعه قبل أسبوعين، متبنية ادعاءات أذرع الأمن بأن لم الشمل يهدد «يهودية الدولة»، وأن الفلسطينيين يريدون من خلاله تطبيق حق العودة لديارهم المسلوبة عام 1948. وجاء في مسودة الاقتراح المقدم إلى الحكومة أن تمديد القانون لعام آخر ضروري إلى حين استكمال مراحل تشريع قانون دائم يعتمد «اعتبارات كثيرة تتعلق بالأمن القومي». وعزا المقترحون طلبهم إلى تقرير جديد قدمه جهاز الأمن العام في الموضوع لم تكشف وسائل الإعلام جوهره، لكنها لمّحت إلى أن الجهاز يريد مواصلة الإجراءات المتبعة منذ عام 2003 لمنع لم شمل العائلات الفلسطينية، وأنه «على رغم التراجع في حجم الإرهاب في المناطق (الفلسطينية المحتلة عام 1967)، لكن ثمة احتمالات متزايدة لتهديد أمني يشكله طالبو لم الشمل من سكان الضفة الغربية، كل هذا اعتماداً على تجربة الماضي التي أكدت الاستعانة (من جانب قادة المنظمات الفلسطينية) بمقدمي طلبات لم الشمل للقيام بعمليات إرهابية في إسرائيل على خلفية تحركهم داخل إسرائيل». وسيعتمد القانون الجديد معيارين أساسيين لمنع الشمل سبق للحكومة الأمنية المصغرة أن حددتهما هما: في حال كان أحد الزوجين من «مناطق يدار فيها كفاح مسلح مع إسرائيل»، وفي حال كان أحد الزوجين «قادماً من مناطق تجري فيها عمليات عدائية ضد إسرائيل». قانون يمس الحقوق وكانت محكمة العدل العليا الإسرائيلية ردت قبل أسبوعين أربعة التماسات طالبت بإلغاء «قانون المواطنة» بداعي أنه يمس بمبدأ المساواة وبالحقوق الدستورية المتعلقة بحياة العائلة في إسرائيل، فضلاً عن أنه ينال من فئة سكانية واحدة على أساس انتمائها الإثني فقط (الفلسطينيون). وتبنت المحكمة «اعتبارات المؤسسة الأمنية» لتشرعن من خلالها منع لم شمل عائلات فلسطينية داخل حدود إسرائيل في حال كان أحد الزوجين من فلسطينيي مناطق عام 1967 أو من دولة «معادية»، ما عنى استمرار معاناة آلاف الأسر الفلسطينية المشتتة الأفراد. وأثار قرار المحكمة انتقادات واسعة في أوساط الهيئات الحقوقية ومنظمات حقوق الإنسان التي رأت أن المحكمة داست، بمنحها شرعية لقانون عنصري، الحقوق الإنسانية والدستورية للمواطن الفلسطيني، ومعها القوانين الدولية التي تحمي هذه الحقوق تحت طائل «اعتبارات أمنية وقومية». وأضافت أن المحكمة تأثرت في قرارها بالأجواء العنصرية السائدة في الشارع وفي الإعلام وفي المجتمع السياسي وفي الرأي العام الإسرائيلي عموماً، وبالهجوم التي يشنه اليمين الحاكم ضدها واتهامها باتخاذ مواقف متماهية مع اليسار والفلسطينيين. من جهتهم، صفق أركان اليمين للمحكمة ولرئيسها المقبل آشر غرونيس الذي برر دعمه القانون العنصري بأن «حقوق الإنسان يجب ألا تعني الانتحار القومي»، مضيفاً أن إلغاء القانون «سيتسبب بتدفق آلاف الفلسطينيين إلى الدولة للعيش فيها، ما سيؤثر في هوية الدولة، فضلاً عن الضرر الذي يلحق بأرواح وأجساد الإسرائيليين في ظل التجربة السابقة». وحذر قادة الأحزاب العربية من أن القانون يفتح الباب أمام السلطات الإسرائيلية للقيام بتهجير رجال ونساء وأطفال من داخل «الخط الأخضر» إلى مناطق السلطة في الضفة والقطاع. وتبيّن لاحقاً أن رئيسة المحكمة القاضية دوريت بينيش التي يتهمها اليمين الإسرائيلي بأنها وراء «قرارات حكم يسارية وليبرالية»، عمدت إلى أن تتوصل المحكمة إلى قرار يجيز هذا القانون، على رغم معارضتها له شخصياً، وذلك من خلال تعيين هيئة قضاة من 11 قاضياً كان واضحاً أن ستة منهم يعارضون القانون، إذ سبق للمحكمة أن نظرت في الالتماسات قبل عامين بتركيبة تسعة قضاة ودعمت القانون بغالبية خمسة قضاة، لكن أحد القضاة المعارضين غير موقفه وبات يعارض القانون، هنا تدخلت القاضية بينيش ووسعت هيئة القضاة وضمت قاضييْن جديديْن علمت مسبقاً أنهما يؤيدان القانون العنصري. واعتبرت أوساط قضائية سلوك بينيش «لعبة ديموقراطية مكشوفة» رسمت حدودها مسبقاً، إذ أرادت من خلالها أن تظهر للعالم أن المحكمة اتخذت قراراً «ديموقراطياً» صعباً بغالبية ستة ضد خمسة، كانت هي معنية باتخاذه لتفادي غضب المؤسسة الأمنية، لكنها شخصياً كرئيسة للمحكمة عارضت القانون.