ازدادت وتيرة المخاوف الغربية من انعكاس الأزمة في سورية على الاستقرار في لبنان، الأمر الذي كان أمس، موضع تحذير من جانب السفير البابوي في لبنان المونسنيور غابريال كاتشيا في الخطاب الذي ألقاه باسم السلك الديبلوماسي العربي والأجنبي أمام رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان لمناسبة حلول العام الجديد، وطالب فيه بالحفاظ على لبنان دولة «سيدة مستقلة غير منخرطة في معارك ليست معاركها»، وأيضاً من جانب سفيرة الولاياتالمتحدة لدى لبنان مورا كورنيللي التي عبرت بعد زيارتها رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون، عن قلق بلادها العميق من «استمرار النظام السوري في قمعه العنيف الشعب السوري»، ومن أن تؤدي التطورات في سورية الى المساهمة في عدم الاستقرار في لبنان. ورد الرئيس سليمان مؤكداً أن للبنان مصلحة في نجاح المبادرة العربية في سورية، وأنه عازم على مواصلة الجهد من أجل توفير الشروط المناسبة لاستئناف الحوار بين مختلف الأطراف اللبنانيين سعياً الى الحفاظ على سلامة اللبنانيين ووحدتهم بالتزامن مع الجهد اللازم للتوافق على استراتيجية وطنية دفاعية لحماية لبنان. واعتبر سليمان أن من شأن الديموقراطية الحقة ضمان التداول الدوري للسلطة وإشراك جميع المكونات والفئات في الحياة السياسية، خصوصاً في المجتمعات التعددية. وقال إن «هذا التمني ينطبق على سورية التي تربطها بلبنان علاقات أخوة وجوار متميزة»، مؤكداً التزام لبنان قرارات الشرعية الدولية، بما فيها تلك المتعلقة بالمحكمة الدولية. الى ذلك احتفل لبنان أمس بإطلاق مشروع الليطاني الذي يؤمن له استثمار ثروته المائية في احتفال أقيم في السراي الكبيرة في حضور رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي ورئيس الحكومة السابق رئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة وعدد كبير من الوزراء والنواب والمدير العام للصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية عبدالوهاب بدر باعتبار أن الصندوق يتولى تمويل تنفيذ هذا المشروع. على صعيد آخر، أنهت فرق الإنقاذ عملها في البحث عن مفقودين بين أنقاض المبنى الذي انهار في محلة الأشرفية في بيروت قبل يومين. وأعلن وزير الداخلية والبلديات مروان شربل صباحاً سحب المعدات والجرافات من أمام المبنى المنهار بعد انتهاء مهمة رفع الأنقاض. ورست أرقام الحصيلة النهائية للضحايا على 27 قتيلاً و12 جريحاً. وتمكنت السلطات الأمنية من تحديد هوية 20 من الضحايا فيما ينتظر معرفة هوية الباقين إضافة الى التأكد من عدم وجود جثث تحت الأنقاض بعدما تردد أن ذوي بعض المفقودين حضروا أمس وسألوا عن مصير أقاربهم الذين لم يتم انتشالهم حتى الساعة. ويعقد مجلس الوزراء جلسة عادية اليوم يفترض أن يعاود البحث خلالها في الاتفاق الناجز بين الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام حول تصحيح الأجور وصولاً الى شرعنته في مشروع قانون. وكان الرئيس بري اجتمع مساء أمس مع وفد مشترك من طرفي الاتفاق من أجل التفاهم على مخرج يدفع وزير العمل شربل نحاس الى إعادة النظر في اعتراضه عليه. وفي هذا السياق، قالت مصادر وزارية ل «الحياة» إن الرئيس ميقاتي يواكب عن كثب الجهد الذي يقوم به بري بغية تليين موقف نحاس من اتفاق تصحيح الأجور، وأكدت أنه يحظى بتأييد من أطراف آخرين من حلفاء العماد عون في الحكومة، إضافة الى الوزراء المنتمين الى «جبهة النضال الوطني» برئاسة وليد جنبلاط. وكشفت أن وزير الصحة علي حسن خليل الذي كان شارك في الجهود التي أدت الى ولادة الاتفاق بين الاتحاد العمالي والهيئات الاقتصادية والذي تعثر الإعلان عنه بسبب تصلب وزير العمل بطروحاته، بقي أمس على تواصل بين ميقاتي وعون إضافة الى بري. وأوضحت المصادر نفسها أن ولادة الاتفاق بصيغته النهائية عالقة على تأمين المخرج الذي يعيد الاعتبار لوزير العمل ويقدمه الى الرأي العام كشريك في إنجازه بدلاً من إظهاره وكأنه خسر معركة تصحيح الأجور. وقالت إن المطلوب إدخال بعض «الرتوش» على الاتفاق لحفظ ماء وجه الوزير ولإشراكه معنوياً في هذا الإنجاز. لكن المصادر رأت أن لا شيء يدعو الى التفاؤل طالما أن عون لا يبدي ليونة في موقفه، إلا إذا كان هدف تصعيده من خلال وزير العمل تحسين شروط الأخير في التسوية بدلاً من أن تبقى «تجميلية» لدفعه الى سحب اعتراضاته. في المقابل حذّرت كتلة «المستقبل» النيابية في اجتماعها برئاسة السنيورة من الاستمرار في عدم بت موضوع الأجور على النسق الذي اتفق عليه أرباب العمل والعمال ما يدفع في اتجاه أخطار كبيرة على الصعد الاجتماعية والاقتصادية والمالية.