تسيطر أزمة الإسكان في السعودية على المشهدين الاقتصادي والاجتماعي في البلاد، وتساءل عقاريون عن تخصيص 250 بليون ريال من فائض موازنة 2011 لبناء 500 ألف وحدة سكنية إن كانت كافية لحل الأزمة، رغم أنها بارقة أمل في حلها والتي لا تزال هيئة الإسكان لم تعلن تفاصيلها، فيما تمر هذه الأيام الذكرى الثانية لقرار الحكومة الخاص بالخطة التي تهدف إلى توفير الخدمات الأساسية في مخططات المنح الحكومية من خلال تكليف وزارة الشؤون البلدية والقروية بحصر المخططات في المناطق كافة، وتشكيل لجنة من ست جهات تحدد معايير وأسس تحديد الأولويات على أن تطبق بشكل واضح على جميع المخططات. وعلى رغم أن هذه الخطة التي مر عليها عامان كاملان (أطلقت في 25 كانون الثاني (يناير) 2010) إلا أنه لا نعرف ماذا جرى فيها، ولم يتحدث أحد عنها من هذه الجهات الست المعنية، أو حتى الإعلان إن كانت أحيلت إلى وزارة الإسكان. ويؤكد العقاري محمد الفرج أن إيجاد مخططات حكومية متكاملة البنية التحتية سيؤثر في أسعار العقار، كما أنه سيعطي فرصة كبيرة لذوي الدخل المتوسط والمنخفض في مباشرة البناء في هذه المخططات المكتملة، ما يجعل بنيتها الإسكانية تكتمل بسرعة كبيرة، بحيث تصبح خلال فترة زمنية وجيزة ضمن حدود المدينة الفعلية، أو تتحول هي إلى مدن مستقلة. ونص قرار مجلس الوزراء على قيام وزارة الشؤون البلدية والقروية بحصر المخططات المراد إيصال الخدمات إليها، على أن تشمل الخدمات، الطرق، والمياه والصرف الصحي، والكهرباء والاتصالات، على مستوى مناطق المملكة. ووفقاً للقرار، تقرر تشكيل لجنة في وزارة الشؤون البلدية والقروية على مستوى وكيل وزارة من وزارة الشؤون البلدية والقروية، المالية، الاقتصاد والتخطيط، المياه والكهرباء، النقل، ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، تعمل على إنجاز هذا الأمر. وأضاف أن القرار كان مؤشراً على دخول الحكومة بشكل «متكامل» في علاج أزمة الإسكان التي تعانيها البلد، إلا أنه لم يعد من يذكر هذا الأمر، وكأنما الجميع وضع وزارة الإسكان في الواجهة وأخلى مسؤوليته منها، حتى إن الوزارة الجديدة لم تتحدث في هذا الموضوع. وأشار إلى أن هذا الموضوع لو تم إنجازه في حينه لخدم وزارة الإسكان في خططها الجديدة، فهو يدعم قطاع الإسكان الذي دخلت فيه الدولة في سبيل توفير منازل، كما أنه يدعم القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء قبل هذا القرار بنحو شهر، ووجه وزارة الشؤون البلدية بربط المنح التي توزعها البلديات والأمانات ببرامج إسكانية مخدومة، وتحديد الأراضي المخصصة ل«الإسكان». وأوضح أن قرار توفير الخدمات الأساسية في مخططات المنح الحكومية كان متوقعاً له أن يرى النور خلال شهور من صدوره، حتى إن المكاتب العقارية توقعت أن يضخ هذه القرار نحو مليون قطعة سكنية في مئات المخططات الحكومية في مختلف مناطق المملكة لم تتم الاستفادة منها بالشكل المطلوب لعدم وجود الخدمات، على رغم توزيعها على المواطنين خلال سنوات طويلة يعود بعضها لأكثر من 20 عاماً، وكانت كفيلة بإنهاء الأزمة السكانية، وتعديل سوق العقار التي أصبحت تشكل فقاعة كبيرة مستعصية على الانفجار بسبب قلة الأرضي والمضاربة عليها. من جانبه، أكد العقاري فهد الدوسري أن العجز في إيجاد حلول لعشرات من المساهمات العقارية المتعثرة جمد ملايين الأمتار المحيطة بالمدن، وجعلها مثل سياج من الأرض الفضاء التي تحول دون نمو عمراني سليم، حتى إن بعض المخططات التي استطاعت أن تتجاوز هذه المشكلة أصيبت بمرض عقاري لأنها خارج المدينة، مؤكداً أن قيام الوزارات المعنية بالمطلوب منها في مخططات المنح من شأنه أن يجعلنا نتجاوز هذا الأمر. وأضاف أن إنجازات هذا القرار تتجاوز مكاسبه قطاع الإسكان، إذ إنه سيتم وفق النظرة الحديثة للإسكان التي تستهدف إنشاء الأحياء السكنية النموذجية المكتملة المرافق الخدمية من مدارس ومساجد ومراكز صحية التي تخفف الضغط السكاني في المدن الرئيسية وتكبح تضخم أسعار العقار الذي وصل إلى أسعار فلكية في عديد من مناطق المملكة، كما أنها توفر آلاف الفرص وظيفية في القطاعين الحكومي والخاص، من خلال المنشآت الخدمية التي سيتم إنجازها. وحول خطط الإسكان الجديدة، أشار الدكتور علي الغامدي أن الحديث عن 250 بليون ريال تصرف على بناء 500 ألف وحدة سكنية هو أمر مهم جداً، إلا أنه لن يتم في عام، حتى إنه لم يتم تحديد الأراضي لمعظمها، ولم تعتمد بعد الاستراتيجية الخاصة بها، كما أنها لم تطرح للتنفيذ، وهي بحاجة في أول الأمر إلى بناء البنية التحتية، وهذه تستغرق فترة طويلة، وستستقطع جزءاً لا بأس به من الموازنة، إن كانت ستحسب على موازنة الإسكان، أما إن أحيل الأمر على وزارات أخرى فإن الأمر سيحتاج إلى سنوات طويلة لتنفيذها. وأبان أن وزير الإسكان تحدث في السابق عن استراتيجية وطنية للإسكان، لم نر بعد هذه الاستراتيجية، على رغم أنه ذكر أنها ستعمل على تحديد الأسس والضوابط في قطاع الإسكان وتهدف إلى تحديد مجموعة من الخطط والوسائل والإجراءات الموصى بها لتوفير الإسكان الملائم لجميع السكان والتقريب بين المتطلبات والموارد المتاحة للوصول إلى سياسات إسكان موحّدة ومتكاملة وشاملة، مضيفا أن هذا الكلام يحتاج إلى تطبيقه على أرض الواقع. وطالب وزير الإسكان بالشفافية في الإعلان عن المشكلات التي تواجهه، وأن يعلن بصراحة عن المناطق التي يعجز فيها عن إيجاد أية حلول لمشكلة الإسكان وتوافر الأراضي، ويطلب من المقام السامي التدخل لحلها.