لا حديث في الكويت هذه الأيام غير الانتخابات النيابية، والاهتمام بها قد يجعل الإنسان الغريب عن الكويت وأهلها يعتقد أنه يشهد أول تجربة برلمانية للشعب الكويتي، فلا يصدق أن الكويتيين يخوضون رابع انتخابات برلمانية منذ 2006. هم تفوقوا على الأميركيين الذين يجرون انتخابات كل سنتين فقط، وعلى البريطانيين الذين يعتقدون أن عندهم «أم البرلمانات»، غير أن برلمانهم تقليدي يضم حزب الحكومة، أو الموالاة، وحزب المعارضة، في حين أن الكويتيين اجترحوا معجزة في البرلمان عندهم، فهو يتألف من معارضة ومعارضة أكثر أو أشد. المعارضة خصوصية كويتية، والناخبون سيختارون في الثاني من الشهر المقبل 50 نائباً. وأسمع أن للمعارضين فرصة لزيادة عددهم، مع أنني أرجح أن ننتهي بخمسين عضواً معارضاً، الخلاف بينهم درجات، المعارضة وحدتها وشدتها. وصلت إلى الكويت مساء السبت وبقيت الأحد وغادرتها ظهر الاثنين، ما أتاح لي فرصة أن أقرأ صحفها على امتداد ثلاثة أيام، وقراءتها متعة مع حدة المنافسة بينها في جو ديموقراطي حقيقي. سرني أن أقرأ «القبس» فقد كانت تطبع في لندن ثم توقفت، وأن اقرأ «الوطن» التي تبعتها وتوقفت بدورها، ووفر لي أخونا أحمد الجارالله الألعاب النارية كالعادة فقد كان له مقال عنوانه مانشيت الجريدة وهو «أوقفوا محاولات السطو على إرادة الأمة»، وهجوم على «المؤزّمين» و«نائب الشيكات» وبدعة «المليونية»، وعصا الإرهاب، وشعار «عارض تكسب». أعتقد أنه كان يتحدث عن النائب السابق فيصل المسلم الذي ثبّتت محكمة استئناف قبل يومين حكماً سابقاً عليه بإفشاء أسرار الدولة ما يعرضه لخطر الشطب من قوائم المرشحين. وقد هدد أنصاره بالنزول إلى الشارع إذا شطب، وقال حقوقيون إن الدستور يحمي ما يقول نائب تحت قبة البرلمان. وقال آخرون إن الحماية تشمل الرأي لا نشر معلومات كاذبة. ولست في وضع أن أقرر هل كانت معلومات المسلم صادقة أم كاذبة. عندما كنت في الكويت قرأت أن هناك 369 مرشحاً بينهم 26 امرأة، يتنافسون على المقاعد الخمسين إياها، وهذا خلل لأن النساء يمثلن 54 في المئة من مجموع الناخبين. وكنت رحبت كثيراً بالبرلمان الأخير بعد أن ضم في عضويته أربع نساء هن معصومة المبارك ورولا دشتي، وأسيل العوضي وسلوى الجسّار، وهنّ اثنتان سنيتان واثنتان شيعيتان، واثنتان محجبتان واثنتان سافرتان. وقد اعتبر انتصارهن فتحاً، فهو غير مسبوق حتى في بلاد مثل مصر ولبنان. غير أنني أسمع الآن أن حظوظ نساء الكويت في احتلال مقاعد في البرلمان تراجعت، ويبدو أن التراجع العربي أصاب نائبات الكويت مع من أصاب. عدد المرشحين سينخفض كثيراً قبل يوم الانتخابات، عن طريق الانسحاب، أو بعد شطب لجنة قضائية المرشحين الذين لا يستوفون شروط الترشيح. وشخصياً أتمنى للمرشحين الصامدين أن ينجحوا جميعاً، فأنا لا أريد أن يزعل أحد، كما أتمنى أن يكون نصف البرلمان من النساء، مع أنني لا أتوقع ذلك. ثم أتوقف عند خبر يقول إن نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع والداخلية الشيخ أحمد الحمود عرض حالات شراء أصوات أحيلت إلى النيابة العامة للتحقيق فيها. أؤيد رشوة الناخبين، في الكويت وغيرها، لأن ثمن صوت الناخب هو الفائدة الوحيدة التي سيحصل عليها من ممثله في البرلمان حتى لو أكمل هذا مدته القانونية كلها على رغم استحالة ذلك كويتياً. وكلنا يعرف أن الفوز يصيب النائب الفائز بمرض الزهايمر، فلا يعود يعرف الناخبين، بل ربما لا يعود يذكر هل هو يمثل الدائرة الثالثة أو الخامسة. أخيراً، وعلى هامش السياسة الكويتية قرأت تصريحاً لرئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك يدعو فيه إلى تجنيس المستحقين وفقاً لقانون الجنسية حسب إحصاء 1965. وأنا أتمنى أن أرى جميع «البدون» يحملون جنسية الكويت كما يستحقون. [email protected]