جاءت الشراكة بين الأطراف السياسية في اليمن بعد توقيع المبادرة الخليجية في حكومة الوفاق الوطني فرحبنا بها وقلنا عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم و«المحتاج يُحْجُم بحيف» (حجر صغير مسنن) ونحن في أمس الحاجة للأمن والأمان ولسقف يسترنا وكسرة خبزٍ تشبع جوع أطفالنا قبل كل شيء. أتيحت الفرصة لجميع الأطراف لإثبات وجودهم الفاعل وحُسن نواياهم في إخراج البلاد من هذه الأزمة الطاحنة التي أوشكت أن تنزلق بنا إلى حرب أهلية ضروس وصومال جديدة لاح شبحها في الأفق، والأخذ بيد المواطن المسكين الذي كان ولا يزال الضحية الأولى والأخيرة في هذه الأحداث. أتيحت الفرصة لبناء اليمن الجديد والدولة المدنية الحديثة، دولة القانون والعدالة الاجتماعية والمساواة والحريات وحقوق الإنسان التي تغنى بها الكبير والصغير من كل الأطراف، وسفكت الدماء الطاهرة لأجلها. أتيحت الفرصة لا سيما للمعارضة التي عانت كثيراً من الإقصاء نتيجة افتقارها إلى الغالبية الجماهيرية التي تتيح لها فرصة الوصول إلى السلطة ومراكز اتخاذ القرار في ظل التعددية السياسية التي تقول بحكم الغالبية، والتي قابلها في الطرف الآخر وجود سياسي قوي في السلطة ومراكز اتخاذ القرار بدعم غالبية جماهيرية ساحقة للمؤتمر الشعبي العام (الحزب الحاكم). وقلنا أيضاً «الألف ميل تبدأ بخطوة» وفرصة المعارضة الآن جاءتها على طبق من ذهب في أن تكسب التأييد الجماهيري الذي تحتاجه للوصول إلى السلطة بطرق سلمية ديموقراطية من دون انقلابات ومؤامرات واغتيالات، وذلك من خلال ما سيقوم به الوزراء المحسوبون عليها من دور فاعل وشراكة حقيقية فاعلة تثمر بالخير والمحبة والوفاق والتنمية والبناء الذي ستلمسه وتحمده لهم الفئة الصامتة قبل أي طرف آخر، والتي تمثل القاعدة الجماهيرية الأعرض في اليمن، والتي هي مطمع كل طرف سياسي مدرك حجمها وأهميتها في تحقيق طموحه السياسي في الفترة المقبلة. لكن ماذا حدث؟ فاجأتنا وزارة الإعلام وهي إحدى الوزارات التي ظفرت بها المعارضة في الحكومة، وهي من يفترض أن تكون باب الانفتاح على الرأي والرأي الآخر وحرية التعبير والحوار والتواصل والشفافية وحلقة الوصل بيننا وبين الحكومة، فاجأتنا بإقصاء مجموعة متألقة من الإعلاميين والإداريين في القنوات والصحف الرسمية، وإصدارها قرارات تعسفيه بوقفهم عن العمل بلا أي مسوغ قانوني بسبب آرائهم الشخصية خلال الأزمة وانتماءاتهم الحزبية، ضاربة بالوفاق والاتفاق عرض الحائط وكاشفة عن وجه آخر لحكومة الوفاق تمثل في الإقصاء والانتقام وبوادر عملية تصفية حسابات شخصية، وعبارات ومسميات مشؤومة رددها أحد كبار المسؤولين في الحكومة متهماً من شاركوا في الوقفة الاحتجاجية أمام مجلس الوزراء بأنهم «بلاطجة». أين الوفاق وأين الاتفاق وأين حُسن النوايا وأين حماية الحقوق والحريات من هذه التصرفات؟ وماذا تتوقع وزارة الإعلام ورئيس الحكومة أن يجنيا من وراء هذا الإقصاء وهذا التعسف؟ ولمصلحة من؟ وهل أصبحت الوزارات والإدارات الحكومية غنيمة حرب وأصبح الموظفون والعاملون فيها من ذوي الرأي الآخر أسرى ومعتقلين تحت رحمة من يظن أنه انتصر بوصوله إلى كرسي هذا الوزارة أو تلك؟ وبالتالي له مطلق الحرية بلا حسيب ولا رقيب ولا سبب ولا مسبب في التنكيل بهم أو تعليق المشانق لهم كما قال بعضهم قديماً... ما الخبر؟