وسط ترقب لما ستؤول إليه الأوضاع في الذكرى الأولى للثورة المصرية في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، وتوقعات باندلاع احتجاجات ضد المجلس العسكري الحاكم لمطالبته بتسليم السلطة، اتهم قضاة تحقيق انتدبهم وزير العدل ناشطين وشخصيات عامة معروفة بدعمها للثورة ب «التحريض وإذكاء الصدام» بين المتظاهرين وقوات الجيش والشرطة، بينهم رئيس حزب «غد الثورة» الدكتور أيمن نور والاستشاري المعماري المعروف الدكتور ممدوح حمزة، ما أثار موجة من الانتقادات اعتبرت الاتهامات «عودة إلى سياسات النظام السابق». ودأب المجلس العسكري مذ تنحي الرئيس المخلوع حسني مبارك في شباط (فبراير) الماضي، على تحميل «طرف ثالث» مسؤولية الاشتباكات المتكررة بين قوات الأمن والجيش من جانب ومتظاهرين من جانب آخر، والتي سقط خلالها عشرات القتلى، بدءاً من أحداث «مسرح البالون» ثم «أحداث ماسبيرو»، فاشتباكات «شارع محمد محمود» وأخيراً «مجلس الوزراء». ولم تحدد السلطات أبداً «الطرف الثالث»، إلا عبر تسريبات إعلامية على ألسنة مسؤولين أكدوا أن الطرف الثالث مجموعة من «فلول» النظام السابق، لكن المفاجأة أن سلطات التحقيق أوردت أمس للمرة الأولى أسماء ناشطين وشخصيات عامة معارضة واتهمتهم بالتحريض على العنف. وفي حين أعلنت لجنة التحقيق في أحداث مجلس الوزراء التي اندلعت في كانون الأول (ديسمبر) الماضي وخلفت عشرات القتلى ومئات المصابين، استدعاء ناشطين وشخصيات عامة للتحقيق معهم في اتهامات من أشخاص لم تسمهم، أكد عدد منهم ل «الحياة» عدم إخطارهم في شكل رسمي بموعد التحقيق. وأخذت التحقيقات القضائية في أحداث العنف والمصادمات التي شهدها ميدان التحرير ومحيطه أمام مبنى مجلس الوزراء أخيراً منحى خطيراً، إذ أمرت هيئة التحقيق في تلك الأحداث باستدعاء الدكتور أيمن نور والدكتور ممدوح حمزة، وإمام مسجد عمر مكرم الملقب ب «خطيب الثورة» مظهر شاهين والناشطة السياسية نوارة نجم والناطق باسم «حركة شباب 6 أبريل - الجبهة الديموقراطية» طارق الخولي الأربعاء المقبل لسماع أقوالهم في اتهامات ب «محاولة إذكاء الصدام مع قوات الجيش والشرطة، ودفع أموال للمعتصمين في ميدان التحرير بغية حضهم على البقاء والاستمرار في الاعتصام وتجديد الاصطدام مع قوات الأمن المنوط بها حماية مباني مجلس الوزراء والشعب وغيرها من المباني الحكومية التي تقع في شارع قصر العيني». وقال قضاة التحقيق في بيان إنهم قرروا استدعاء هؤلاء بعدما «تقدم أحد المواطنين ببلاغ قضائي يتهمهم فيه بتمويل أعمال الصدام مع قوات الأمن تضمن أنهم قاموا بتقديم تمويل مالي لبعض الشباب الموجودين في ميدان التحرير من أجل الاصطدام برجال القوات المسلحة والشرطة، عن طريق التحريض والإمداد بالمبالغ المالية». وذكرت هيئة التحقيق أن نور وحمزة «ورد اسماهما على لسان عدد من المتهمين الذين تقرر حبسهم احتياطياً عن تهم تتعلق بمقاومة السلطات والتعدي على أفراد القوة المعنية بتأمين مجلسي الوزراء والشعب وإشعال الحرائق عمداً وإتلاف الممتلكات العامة وتعطيل سير العمل ببعض المؤسسات العامة، إذ أشار المتهمون إلى أنهم ارتكبوا بعض تلك الوقائع بإيعاز من نور وحمزة». وقال نور ل «الحياة»: «هذا الاتهام هزل في موضع الجد، فهي اتهامات لا أساس لها... هم يقولون إن صبياً يبلغ من العمر 19 عاماً عاطل ويدعى مصطفى كابي واجهوه بأشرطة مصورة في موقع الأحداث فأنهار واعترف بأنني حرضته على العنف... هذا تلفيق الهدف منه النيل من شخصي». وتساءل: «هل من المنطقي أن أحرض على اعتصام لرفض حكومة الدكتور كمال الجنزوري وأنا أعلنت تأييدي له... هذا جنون». وأشار إلى أن «هذه الاتهامات حتى الآن إعلامية فقط ولم يتم أي استدعاء رسمي، والهدف من تلك الاتهامات إبعاد ناشطي الثورة عن ميدان التحرير في الذكرى الأولى للثورة كي لا تتحول إلى ثورة ثانية». وقال حمزة إن أي استدعاء رسمي لم يصله. واعتبر أن هذه الاتهامات «استمرار للصراع القائم بين قوى الشر والخير وقوى الفساد والثورة... الصراع الآن اتخذ طابعاً شرساً، لأن الفساد كان كبيراً والعقاب سيكون أكبر». وأكد أنه يدعم الثوار «هذه ليست تهمة أو سبة، لكنني لم أحرض أبداً على الصدام مع قوات الأمن». وفي ما بدا مسعى لاحتواء الدعوات إلى «ثورة ثانية» في 25 كانون الثاني (يناير) الجاري، ذكرت وكالة الأنباء الرسمية أن عضواً في المجلس العسكري التقى «عدداً من شباب القوى والائتلافات الشبابية لتنسيق الفعاليات في هذا اليوم»، لكنها لم تسم هذه القوى. وأشارت الوكالة إلى أن «الشباب طلبوا إقامة الاحتفالات من 25 كانون الثاني إلى 11 شباط (فبراير) المقبل (تاريخ تنحي مبارك) وتشكيل لجان شعبية من الشباب لحماية الاحتفالات التي تنظمها القوات المسلحة، وإقامة احتفال رئيسى في استاد القاهرة تحت شعار ايد في ايد ومنح أنواط لأسر الشهداء والمصابين وإقامة جنازة عسكرية يشارك فيها رجال الجيش والشرطة يحملون فيها علم مصر مكتوب عليه شهداء 25 يناير، وأن يقلد أحد أعضاء المجلس العسكري أنواطاً لأسر الشهداء والمصابين في الاحتفال الرئيسي، وأن يصدر المجلس العسكري بياناً يعلن فيه توفير معاش لمصابي الثورة وأسر الشهداء». لكن القوى الشبابية الفعالة لم تشارك في هذه الاجتماعات وأصرت على تنظيم تظاهرات للمطالبة بتنفيذ أهداف الثورة وتسليم السلطة إلى المدنيين، وعلى رأس هذه الحركات «حركة 6 أبريل» و «ثورة الغضب الثانية»، وطالبتا الجيش بالابتعاد عن ممارسة أي عمل سياسي.