تعهد الرئيس السوداني عمر البشير بعدم تدخل الحكومة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر إجراؤها في نيسان (أبريل) المقبل، والتي تتجه المعارضة لمقاطعتها، بينما رأى زعيم حزب الأمة المعارض الصادق المهدي أن البشير يعتقد أن الاستمرار في السلطة أفضل حماية له من ملاحقة المحكمة الجنائية الدولية، مشيراً إلى أن استمراره في الحكم يشل اقتصاد البلاد. وقال رئيس مفوضية الانتخابات مختار الأصم في أول تصريح عقب تكليفه، بعد اجتماع أعضاء المفوضية السبعة مع البشير إن الرئيس شدد على أهمية أن يرى الشعب السوداني نزاهة الانتخابات وأن «لا تشوبها شائبة ولا تدليس ولا خداع ولا غش». وقال الأصم إن الرئيس تحدث أيضاً عن «ضرورة فرز الأصوات في اختتام اليوم الانتخابي بحضور ممثلي الأحزاب، ليرى العالم نزاهة العملية الانتخابية المراقَبة بواسطة من شاء من القوى الدولية وليعلم الكل بأن الدولة لا تتدخل»، مؤكداً أن «الانتخابات ستكون شأناً خاصاً بالمفوضية التي ستعمل باستقلال تام». وتطالب المعارضة بتأجيل الانتخابات عامين تسبقها فترة انتقالية، تديرها حكومة قومية تضم كل القوى السياسية بما فيها حاملي السلاح لتهيئة البلاد لمرحلة جديدة. من جهة أخرى، قال الصادق المهدي إن «البشير يعتقد أن الاستمرار في السلطة أفضل حماية له من ملاحقة المحكمة الجنائية الدولية»، وأكد أن استمراره في السلطة يشل البلاد اقتصادياً ويحرمها من عدة اتفاقات مفيدة. واعتبر المهدي خلال كلمة ألقاها أمام المنتدى العالمي للوسطية أن بقاء البشير في السلطة يحول دون إعفاء الدين الخارجي للسودان الذي قُدِّر بنحو 44 بليون دولار بموجب مشروع إعفاء ديون الدول. وأضاف أن بقاء البشير في السلطة يحرم الخرطوم من اتفاق رفع العقوبات التي تكلف السودان 745 مليون دولار سنوياً، واتفاق فك تجميد 350 مليون دولار مستحقة للسودان بموجب اتفاق «كوتنو». وأضاف: «خروجه من الحكم يعرضه للاعتقال واستمراره يشل البلاد اقتصادياً. علاجنا للموضوع هو أنه إذا اتفقت الحركة السياسية السودانية على معادلة حول المساءلة فإن مجلس الأمن مستعد أن يوافق عليها ولكن الحركة السياسية لا يمكن أن تتفق إلا على أساس قيام نظام جديد، في حين أن أزلام النظام يمتنعون». ورأى المهدي أن الأسرة الدولية شريكة في الشأن السوداني بموجب 61 قراراً صادراً عن مجلس الأمن، أغلبها بموجب الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة، كما أن السودان يضم أكثر من 30 ألف جندي دولي وأفريقي، وتعتمد أجزاء كبيرة من البلاد على إعانات إنسانية أكثرها دولية. وأفاد أن النظام الحاكم في السودان نظام ذو مرجعية «إخوانية» ولكنه اتخذ نهجاً برغماتياً جعله يفرغ كثيراً من شعاراته للمحافظة على السلطة، لا سيما عندما أُبرم اتفاق عام 2005 للسلام مع جنوب السودان. وأضاف المهدي أن الشعارات الإسلامية المفرغة من كثير من محتواها أدت إلى ردود فعل متطرفة في اليمين «حركات تكفيرية بعضها متصل بالقاعدة وبعضها متطرف ببرامج سودانية. وفي اليسار برزت اتجاهات علمانية لنفي الدور السياسي للإسلام، وأفريقيانية لنفي الانتماء العربي». وأكد أن «السودان بات مسرحاً لحركات تطرف إسلامية وعلمانية وعربية وأفريقانية، ويصحب هذا التطرف اقتتال على أكثر من جبهة هي حروب هوية تحيط النظام بجبهات اقتتال لا قبل له بها». من جهة أخرى رهن نائب القائم بالأعمال الأميركي في الخرطوم كريستوفر روان تطبيع العلاقات السودانية الأميركية بمدى التقدم المحرز في الحوار الجاري بين الخرطوم وواشنطن. ولمح إلى إمكان حدوث اختراق عملي للحظر الاقتصادي المفروض على السودان جزئياً. وقال روان، خلال زيارته لولاية نهر النيل (شمال) إن العقوبات الاقتصادية لم تحظر تنشيط أوجه التعاون في المجالات الإنسانية والبحثية والثقافية، موضحاً أن الآمال لا تزال قائمة في حدوث تحولات حقيقية في ملف تطبيع العلاقات مع السودان، لكنه رهن تحقيق ذلك بإحراز تقدم في الحوار بين البلدين.