تحّول إمارة الفجيرة مئتي كيلومتر مربع من الجبال والوديان الوعرة الى محمية طبيعية تحفظ فيها الحياة البرية الغنية لمنطقة جبال الحجر في جنوب شرق الجزيرة العربية، على أمل إعادة اطلاق حيوانات انقرضت من هذه المنطقة لاسيما النمر العربي الشهير. وتمتد المحمية من على تخوم خليج عمان الى اعالي جبال الحجر، تلك الجبال الفريدة من نوعها، الجرداء البنية المسننة التي تنتشر في شمال الامارات وسلطنة عمان وفي شبه جزيرة مسندم التابعة للسلطنة على مضيق هرمز. وفي تلك الجبال التي تبدو من دون حياة، تزدهر الحياة الفطرية الخاصة بهذه البيئة الصعبة، كما ان وادي الوريعة يحتضن شلال المياه العذبة الوحيد الذي يتدفق على مدار السنة في الامارات. ,قبل عقود، كانت النمور العربية تتنقل بحرية في هذه الجبال، وتصطاد الماعز والغزلان البرية. لكن اليوم، يؤكد السكان انهم لم يشاهدوا نمرا في المنطقة منذ اكثر من عشر سنوات. وقال مرال شريقي، مدير العمليات والحماية بوادي الوريعة: "نعتقد ان النمر ما زال يعيش في مسندم شمالا ونأمل ان نتمكن من اعادة ادخال النمر العربي الى المحمية في السنوات المقبلة خصوصا عبر ايجاد ممرات آمنة للحيوانات بين المحمية ومسندم ومناطق اخرى". ,عندما بدأ شريقي وفريقه بالعمل تحت اشراف بلدية الفجيرة، كانت آثار النشاط البشري بادية بوضوح على الوادي وظن الفريق لوهلة ان الحياة الفطرية شبه منتهية. وأعلنت الوادي محمية في 2009 وأغلق بقرار من البلدية من اجل قيام محمية بمعايير دولية خلال عشر سنوات تقريبا، وسمح توزيع مئات الات التصوير برصد حياة برية مستمرة بصمت. وقال شريقي: "نضع الكاميرات في اماكن مختلفة من الوادي، ثم نعود مشيا على الاقدام، او بالاستعانة احيانا بمروحيات الجيش الاماراتي، لنستعيد الات التصوير ونحلل محتواها". وفاقت النتيجة التوقعات، فقد تأكد الفريق من استمرار وجود الكاراكال، وهو هر بري كبير يعد من اهم الحيوانات المفترسة في شبه الجزيرة العربية، كما تم رصد غزال الجبال بعد سنوات من الاختفاء. وبالامكان مشاهدة الماعز البري يتنقل بحرية بين الصخور المسننة في الوادي. وتسعى الجهات القائمة على المحمية إلى انشاء منطقة للزوار على مساحة محدودة من اجمالي المحمية. وقد انضمت محمية الوريعة الى اتفاقية الاراضي الرطبة (رامسار) التي تضم 2200 موقع ضمن 86 دولة. ويحصل وادي الوريعة على 33% من اجمالي الامطار التي تهطل على دولة الامارات سنويا. وأشارت أوريلي سميث، وهي خبيرة جيولوجية من صندوق الحياة البرية، الى بذل الصندوق جهودا كبيرة في تطوير هذا المشروع، وذلك "من خلال قيام 12 متطوعا بتوزيع ما يقارب مئتي كاميرا في أرجاء المحمية لرصد ومتابعة أشكال الحياة الطبيعية واكتشاف المزيد من المخلوقات والنباتات التي تشكل المحمية بيئتها الوحيدة". وأشارت سميث إلى بعض الانجازات التي تم تحقيقها خلال تطوير المحمية والتي من المتوقع أن يتم الانتهاء من تجهيزها وافتتاحها لإستقبال السياحة البيئية خلال خمس سنوات. وقال "لقد شارفنا على الانتهاء من بناء قاعدة بيانات الخرائط التي تم وضعها بالاعتماد على الاقمار الصناعية والتصوير المباشر، ومن المتوقع أن يتم تفعيل نظام المراقبة على قمر دبي سات". وتحتوي محمية وادي الوريعة الوطنية على أكثر من 770 نوعا مختلفا من الكائنات الحية من ضمنها 13 نباتا يعتبر الوادي بيئتها الوحيدة، إلى جانب 18 صنفا مختلف من الثدييات، ومجموعة من الحيوانات المهددة بالانقراض كالنمر العربي، بحسب جاكي جوداس، مدير البحوث في المحمية. وقال جوداس "إن هذه المحمية التي تختزن أكثر من 18 مليون متر مكعب من المياه الجوفية وما يقارب ستين ينبوعا لا شك في أنها المكان الأمثل لإعداد بيئة مناسبة لتكاثر الحيوانات المهددة بالانقراض".