يستضيف الأردن اليوم لقاء يجمع ممثلي اللجنة الرباعية الدولية مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، في وقت كشف مسؤول في وزارة الخارجية الأردنية ل «الحياة» وجود وعود إسرائيلية تشير إلى «استعداد جدي لمناقشة كل شيء مع الفلسطينيين على الطاولة»، مؤكداً أن اللقاء لا يعني استئنافاً للمفاوضات بل انه «مسعى استكشافي». وقال رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض صائب عريقات إن الجانب الفلسطيني وافق على اللقاء استجابة وتقديراً لمبادرة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، لكن لن تستأنف المفاوضات ما لم توافق إسرائيل على الوقف التام للاستيطان وتقبل بحل الدولتين على حدود عام 1967. ويمثل عريقات الجانب الفلسطيني في اللقاء، فيما يمثل الجانب الإسرائيلي المحامي اسحق مولخو، المبعوث الشخصي لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو. وقال عريقات في مؤتمر صحافي في رام الله إن الأردن مهتم لدرجة كبيرة بمستقبل المفاوضات لأن كل الملفات التي تبحث في المفاوضات على صلة وثيقة بالمصالح السياسية للمملكة، مثل الحدود واللاجئين والقدس والمياه وغيرها. لكنه أضاف أن الموقف الفلسطيني من استئناف المفاوضات يتوقف على ما سيحمله الوفد الإسرائيلي إلى اللقاء في الأردن، مشيراً إلى أن الجانب الفلسطيني ما زال متمسكاً بوقف الاستيطان وقبول حل الدولتين على حدود عام 1967 كأساس لأي عملية تفاوضية جدية. وقال مصدر اردني رفيع ل «الحياة» في رام الله إن الملك عبد الله قدم مبادرته الرامية إلى استكشاف فرص استئناف المفاوضات بسبب قلقه الشديد من انغلاق أفق العملية السلمية وتأثيراتها المحتملة على الأردن. وأضاف أن الملك قلق من تنامي التيار اليميني في إسرائيل ومن احتمالات وقوع أعمال عنف تؤدي إلى حدوث تأثيرات على المملكة مثل الترحيل. وتابع أن الملك تدخل بقوة من اجل قيام إسرائيل بتحويل الأموال المحتجزة إلى السلطة الفلسطينية، وقدم اقتراحاً للرئيس محمود عباس بالعمل على عقد الاجتماع القادم ل «الرباعية» بمشاركة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في الأردن. ويعتبر الجانب الأردني انه متضرر من تأخير قيام حل الدولتين الأمر الذي يهدد مصالحة الوطنية، لذا تحاول الديبلوماسية الأردنية التوصل إلى أرضية مشتركة للتفاهم وبرامج زمنية محددة للتوصل إلى اتفاق على حل الدولتين، أو على الأقل كشف الموقف الإسرائيلي أمام «الرباعية» التي ما زالت تتغاضى عن المواقف الإسرائيلية المتعنتة. وكانت وزارة الخارجية الأردنية أعلنت في بيان أول من امس أن عمان ستستضيف الثلثاء اجتماعاً لمبعوثي «الرباعية» مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، واجتماعاً آخر ثنائياً بين الفلسطينيين والإسرائيليين «في مسعى جاد ومتواصل يهدف إلى التوصل إلى أرضية مشتركة لاستئناف المفاوضات المباشرة الرامية إلى إنجاز اتفاق سلام فلسطيني - إسرائيلي يجسد حل الدولتين ويعالج قضايا الحل النهائي كافة» بحلول نهاية العام الحالي، أي الموعد الذي حدده بيان «الرباعية» الصادر في أيلول (سبتمبر) الماضي. وأضاف البيان أن هذين الاجتماعيْن سيبنيان على مخرجات الاجتماعات المتعددة التي عقدها مبعوثو «الرباعية» مع كل من الطرفين منذ صدور بيان اللجنة في أيلول الماضي. وطالب البيان جميع المعنيين من دون أن يسميهم ب «الاستثمار الجاد والملتزم في توفير المناخ الملائم الذي من شأنه أن يفضي إلى إنجاح هذا المسعى الجاد عبر الامتناع عن الإجراءات الأحادية الجانب والاستفزازية وتلك التي تقوّض مثل هذه المبادرات والمساعي، وبالتالي تجر المنطقة بأسرها إلي أتون منزلقات خطيرة لا تحمد عقباها». وكشف البيان أن العاهل الأردني قاد تحركاً مكثفاً خلال الأشهر الماضية بهدف كسر الجمود الذي سيطر على جهود إحلال السلام العام الماضي، بدأه بزيارة رام الله ثم استقبال الرئيس شمعون بيريز في عمان، فيما تشاور وزير الخارجية ناصر جودة مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وأعضاء «الرباعية» ومبعوثها توني بلير، بالإضافة إلى الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي، ورئيس الوزراء القطري، رئيس لجنة مبادرة السلام العربية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، وعدد من وزراء الخارجية العرب ووضعهم بصورة هذه المساعي الرامية إلى إيجاد المناخ المناسب لإعادة إطلاق المفاوضات على المسار الفلسطيني - الإسرائيلي سريعاً. وشدد البيان على أن الجهود الأردنية في هذا المجال ترتكز إلى القناعة بأن حل الدولتين الذي تقوم بمقتضاه الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على التراب الوطني الفلسطيني يشكل «مصلحة أردنية عليا»، وأن السبيل لتحقيق ذلك هو من خلال مفاوضات مباشرة وجادة ما بين الأطراف ومحكومة بإطار زمني واضح، وتعالج كامل قضايا الحل النهائي، بما فيها قضايا اللاجئين والقدس والأمن والحدود خصوصاً وفقاً للمرجعيات الدولية المعتمدة «وفي شكل يلبي كل المصالح الأردنية العليا والمشروعة المرتبطة بهذه القضايا الحيوية ويصونها». وعلى صعيد متصل، أشادت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بالجهود التي يبذلها العاهل الأردني ووزير خارجيته لجمع الأطراف معاً وتشجيعهم على التقارب بطريقة بناءة. وقال بيان على لسانها وزعته السفارة الأميركية في عمان امس: «نرحب وندعم التطور الإيجابي»، مضيفة أن التقدم نحو هدف استئناف المفاوضات لن يكون سهلاً، لذلك فمن الضروري أن يستفيد الجانبان من هذه الفرصة، قائلة إن الوضع الراهن ليس مستداماً، ويجب على الأطراف أن تتصرف بجرأة لدفع قضية السلام. كما عبر كبير المفاوضين الفلسطينيين عن تقديره للملك عبدالله الثاني لدعوته اللجنة الرباعية والطرفين الفلسطيني والإسرائيلي للاجتماع في عمان. داعياً الحكومة الإسرائيلية إلى استغلال فرصة هذا الاجتماع، لوقف النشاطات الاستيطانية، والقبول بمبدأ حل الدولتين على حدود عام 1967 وإطلاق سراح الأسرى، لإيجاد أرضية مناسبة لإطلاق عملية السلام. إلى ذلك (أ ف ب)، قال وزير الاستخبارات الإسرائيلية، نائب رئيس الوزراء دان ميردور للإذاعة الإسرائيلية إن لقاء عمان «تطور إيجابي ... إنها المرة الأولى منذ وقت طويل يكون فيها الفلسطينيون مستعدين للقدوم للحديث معنا مباشرة من دون شروط مسبقة». لكنه أشار إلى أن الاجتماع لا يشكل عودة إلى المفاوضات، وقال: «لم يطلب منا القيام بتصريحات في المحادثات الأولية»، مضيفاً: «يجب أن نجري مفاوضات، وفيها نقدم مواقفنا في شأن القضايا المدرجة على لائحة الأعمال». وأعرب عن أمله بأن تكون المحادثات «بادرة ستسمح للفلسطينيين بالعودة إلى المفاوضات». ووصف المبادرة الأردنية للجمع بين الطرفين ب «التغيير الإيجابي»، مشيراً إلى أن الأردن «لم يكن مشاركاً حتى الآن، وهذه هي مبادرته وهذا تغيير إيجابي». وأضاف: «الأردن هو دولة جارة ولدينا علاقات مهمة معها، وأعتقد أن مشاركته في أي حل للمشكلة الفلسطينية هو أمر بالغ الأهمية». وتجنبت حركة «حماس» توجيه انتقادات للقاء، باستثناء قول الناطق باسم الحركة فوزي برهوم لوكالة فرانس برس إن «أي لقاءات بين السلطة وإسرائيل تعتبر منزلقاً خطيراً تنزلق فيه السلطة مجدداً، وسيعطي شرعية للاحتلال لاستكمال مشروعه التهويدي والاستيطاني، وسيكون على حساب الشعب الفلسطيني». وأضاف: «مطلوب أولوية من السلطة لإنجاز مشروع المصالحة وتقوية الجبهة الداخلية الفلسطينية لنواجه التحديات، وليس أن تكون هناك حالة تصالح بين السلطة والاحتلال».