وصف رئيس الوزراء السوداني السابق زعيم حزب الأمة المعارض الصادق المهدي الحكومة التي شكّلها الرئيس عمر البشير أخيراً بمشاركة الحزب الاتحادي الديموقراطي برئاسة محمد عثمان الميرغني، بأنها «بدينة» وليست ذات قاعدة عريضة، وستنفّذ سياسات حزب المؤتمر الوطني الحاكم، ولن تحقق شيئاً ما دامت ذات الهياكل والوجوه والسياسات باقية. وكرر انتقاداته اللاذعة لحلفائه في تحالف المعارضة، وأعلن تمسكه بما يسميه «الجهاد المدني» ضد النظام. ودعا المهدي خلال خطاب لمناسبة مرور 56 عاماً على استقلال البلاد أمام مئات من أنصاره، الحكومة إلى رفع يدها عن الجامعات وحل قضية المتأثرين بإنشاء السدود وإجراء معالجات جذرية لمعالجة القضايا السودانية المتأزمة، ووصف حكم البشير بأنه انقلب على الديموقراطية بهدف صنع واقع جديد لكنه أضاع الوحدة والأمن والسلام. وحمل المهدي في شدة على تحالف المعارضة، وجدد دعوته إلى تحديث الهيكل والميثاق والاتفاق على برنامج عمل يُبنى على «الجهاد المدني» لتحسين أداء المعارضة. لكن أنصاره قاطعوا خطابه مراراً وهتفوا في وجهه قائلين «الثورة الثورة يا إمام» و «الشعب يريد إسقاط النظام». وارتفعت وتيرة الاعتراض على حديث المهدي حين أبدى رغبته في محاورة النظام وصولاً إلى اتفاق هيكلي تتحول على أساسه الدولة من «دولة الحزب» إلى «دولة الوطن»، وفق تعبيره. وهاجم المهدي حلفاءه في التحالف المعارض الذين أعلنوا صراحة الاتجاه للعمل على إسقاط النظام. وقطع بأن الجهاد المدني هو الطريق الذي يقره حزبه، ودعا الذين لا يتفقون معه إلى البحث عن طريق آخر. وأضاف: «يقولون بعد 24 ساعة سيسقط النظام». وزاد: «الخطاب ده لناس عندهم قنابير ونحن عندنا عمم». وانتقد المهدي «تحالف الجبهة الثورية»، وقال إن انطلاق العمل المسلح ضد الخرطوم من دولة الجنوب سيقودها للرد على جوبا ويتحول النزاع إلى حرب بين الدولتين. إلى ذلك، تعهد رئيس الحزب الاتحادي الديموقراطي محمد عثمان الميرغني العمل على إيقاف الحروب في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان وإقليم دارفور، وتحسين العلاقات مع دولة الجنوب. وقال الميرغني في خطاب لمناسبة ذكرى استقلال البلاد وسط الآلاف من أنصار حزبه، إن البلاد «تمر بواقع محزن وظروف حرجة وتعارك واحتراب بين أبناء الوطن الواحد. جزء من الوطن انفصل وآخر يتلظى بحرب يمكن تفاديها بالحكمة والعدالة». ورأى أن المخرج في «التعالي فوق الحزبية والالتفاف برداء الوطنية وعدم الحياد في القضايا الوطنية التي باتت تهدد وجود السودان». وجدد الميرغني في خطابه الذي تلاه نيابة عنه ابنه مساعد الرئيس السوداني جعفر الصادق، تمسك حزبه بمواقفه وثوابته و «لن تثنيه تلك الأصوات العالية والساعية إلى التخوين». وقال إن حزبه لم يتوان عن تلبية أي دعوة إلى الحوار وحقن الدماء، في إشارة إلى مشاركة حزبه في السلطة. من جهة أخرى، قُتل ما لا يقل عن 38 شخصاً وأصيب 11 آخرون في هجوم جديد شنّته قوة من «تحالف الجبهة الثورية» السودانية التي تضم متمردي دارفور و «الحركة الشعبية - الشمال»، على منطقة فنقر جنوب غربي مدينة أبو جبيهة في ولاية جنوب كردفان المتاخمة لجنوب السودان. وقال القيادي القبلي العمدة إسماعيل المريود إن الهجوم خلّف 38 قتيلاً منهم 25 من منطقة فنقر بينهم امرأتان و13 من عناصر «تحالف الجبهة الثورية»، إضافة إلى 11 جريحاً تم إجلاؤهم إلى مستشفيات الخرطوم وأبو جبيهة لتلقي العلاج. كما اقتاد المتمردون 204 من الأسرى من قرية فنقر غالبيتهم من النساء والأطفال. وفي تطور لاحق تقدم المدعي العام لجمهورية السودان عمر أحمد محمد بطلب إلى دائرة منظمات الشرطة الجنائية الدولية والإقليمية «الأنتربول» للقبض على 18 متهماً في أحداث التمرد في ولاية النيل الأزرق، أبرزهم حاكم الولاية المقال رئيس «الحركة الشعبية - الشمال» مالك عقار والأمين العام للحركة ياسر عرمان. وشملت الاتهامات ارتكابهم جرائم تتعلق بتقويض النظام الدستوري، وإثارة الحرب ضد الدولة وذلك باشتراك جنائي تنفيذاً لاتفاق تم بينهم، محدثين جرائم نهب وسلب وقتل واغتصاب. وتصل عقوبة بعض هذه الاتهامات إلى الإعدام والسجن المؤبد. وفي نيروبي (أ ف ب)، أفيد أن الآلاف من أبناء قرى ولاية جونقلي في جنوب السودان فروا من قراهم في انتظار تدخل القوات الحكومية وقوة الأممالمتحدة لوقف اشتباكات ثأرية بين قبيلتين أوقعت عشرات القتلى منذ السبت بسبب خلاف على سرقة ماشية.