بحسب مصادر طبية متقاطعة، يعيش المصريون ظروفاً معيشية ويتّبعون عادات غذائية، تعتبر مسؤولة عن انتشار أمراض القلب والسكري والكولسترول. وأخيراً، أعلنت «الجمعية المصرية لأمراض الغدد الصماء والسكري وتصلب الشرايين»، بالتعاون مع شركة «أسترازينيكا» العالمية، نتائج دراسة علمية واسعة سُمّيت «سيفيوس» CEPHEUS أجريت لرصد مدى التحكّم في مستوى الكولسترول لدى المرضى في مصر. وجاءت الدراسة في إطار برنامج عنوانه «شركاء من أجل الصحة» الذي يهدف إلى تقليل الإصابة بأمراض القلب، عبر تحسين الرعاية الطبية ورفع وعي المرضى بشأن علاج هذه الأمراض. إخفاق التحكّم بالدهن المُضرّ كشفت نتائج هذه الدراسة أن 32.5 في المئة من المرضى توصّلوا الى التحكّم في مستوى الكولسترول، فيما بقيت الغالبية معرّضة للخطر. وارتبط التباين في التوصّل الى التحكّم بالكولسترول، بنوع الأدوية التي استخدمها المرضى. في هذا السياق، توقّع أطباء مصريون أن تساهم الدراسة في جهود خفض ارتفاع الكولسترول في الدم ومضاعفاته المتصلة بأمراض القلب والأوعية الدموية. وتحدث الدكتور أشرف رضا أستاذ أمراض القلب في جامعة المنوفية، عن هذه الدراسة التي شارك فيها. وقال: «تظهر خطورة ارتفاع الكولسترول، من حقيقة عدم وجود أعراض ملموسة ترافقه. وربما حدث ارتفاع كبير في مستوى الكولسترول، في غفلة من المريض، إذ يترسب الكولسترول تدريجياً على الشرايين، ويضيّق ممراتها، من دون أعراض. وعند نقطة معيّنة، يصبح الأمر خطيراً، كأن تحدث جلطة في القلب أو الدماغ. لنتذكّر أيضاً أن معظم المرضى لا يتمكّن من التحكم بالكولسترول، على رغم خضوعهم للعلاج. وللمرة الأولى، قدّمت دراسة «سيفيوس» معلومات عن الواقع الصحي للمنطقة، ما يساهم في تحديد المستوى الحقيقي للتحكّم بالكولسترول، والتعرّف إلى العوامل المختلفة التي تجب مراعاتها في الوقاية من مخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية. وأكّد الدكتور علاء محمود عتمان أستاذ القلب والأوعية الدموية في جامعة عين شمس، أن المرضى المصريين يختلفون عن نظرائهم غرباً في جيناتهم وطبيعة غذائهم ونوعية حياتهم، ما حتّم إطلاق دراسات طبية لتلمّس حال المنطقة العربية عموماً. واعتبر عتمان هذه الدراسة خطوة مهمة في تحسين الوقاية من أمراض القلب، عبر تعزيز معرفة الأطباء بوقائع آتية من مصر. وأضاف: «يجب إجراء فحص دوري بداية من سن 18 عاماً. ويتكرر الفحص كل 5 سنوات في الحال الطبيعية. وفي الحال المرضية، يكرر الفحص سنوياً أو كل بضعة شهور، مع تقليص الفترة بعد سن الثلاثين. أوضح عثمان أن السبب الرئيسي لإجراء هذه الدراسة هو انتشار حالات ارتفاع مستوى الكولسترول في مصر، إلى حدّ أنها قدرّت بأكثر من 45 في المئة من السكان، ما يجعل قلوبهم وشرايينهم تحت «القصف» المستمر بالدهون المُضرّة، كما يهددهم بالسكتات القلبية والدماغية. وعزا هذه الزيادة إلى انتشار نمط الحياة الخامل، والإكثار من تناول الأطعمة غير الصحية، وقلّة الوعي بهذه الظاهرة وغيرها. وأشار الدكتور علي عبدالرحيم أستاذ أمراض السكري والتمثيل الغذائي في جامعة الإسكندرية، إلى أن الدراسة سجّلت سبقاً علمياً في محاولتها رصد عناصر التحكّم في مُكوّن يساهم في التسبّب بالأمراض. وأوضح أن أهل مصر يتشابهون في عاداتهم الغذائية وأنماط حياتهم، ما زاد في أهمية هذه الدراسة. وأضاف: «لا تقتصر مشكلة التحكّم بالكولسترول على المرضى الذين لا يتناولون الأدوية الطبية بل تمتد إلى من يتناولون الدواء. وفي دراسة عالمية سابقة، تبيّن أن 62 في المئة ممن يستخدمون أدوية تقليدية في السيطرة على الكولسترول، يعجزون عن تحقيق هذا الهدف لكنهم يعتقدون خطأً أنهم في مأمن لأنهم يتناولون هذه الأدوية». الوعي أولاً وعلّق الدكتور فهمي عمارة رئيس «الجمعية المصرية للغدد الصماء والسكري وتصلب الشرايين» على دراسة «سيفيوس» قائلاً: «نأمل بتعاون أكبر بين شركات تصنيع الأدوية والمؤسسات الطبية في مصر. لاحظنا ارتفاعاً في أمراض تكدّس الدهون في مصر بنسبة تتراوح بين 10 و 15 في المئة، مقارنة بالمعدلات في الدول المتقدّمة، مع ارتفاع ملحوظ في نسب الإصابة لدى المصريات. ويجب التوسّع في إجراء دراسات مماثلة لأمراض اخرى مثل ضغط الدم والسكري والسمنة». وتنهض «الجمعية المصرية...» و «استرازينيكا» بحملة «شركاء من أجل الصحة» التي تسعى الى تعزيز وعي المرضى بأهمية التحكّم بالكولسترول ودورها في مكافحة أمراض القلب والأوعية الدموية التي تتفاقم في مصر باطراد. وكذلك أفاد الدكتور عاصم العقباوي رئيس مجلس إدارة فرع «أسترازينيكا» في مصر، بأن «سيفيوس» تعتبر من أضخم الدراسات عن الكولسترول في مصر، وأنها تتكامل مع دراسة أوروبية مماثلة شملت 15 ألف مريض.