استقبل الروس العام الجديد بمشاعر متناقضة، بين متفائل بأنه سيجلب «تحولاً جدياً في ملامح المشهد السياسي»، ومتشائم يتوقع ان يشهد عام 2012 تصعيداً ساخناً في المواجهة بين السلطة والمعارضة. وانعكس الوضع السياسي في البلاد على خطاب الرئيس ديمتري مدفيديف منتصف ليلة رأس السنة، اذ كان لافتاً ان الكلمة التي لا يجري التطرق فيها للأمور السياسية عادة، حملت إشارات مباشرة الى الوضع الداخلي بعد انتخابات مجلس الدوما (النواب) الاخيرة التي اثارت استياء واسعاً وصل الى حد المطالبة برحيل مدفيديف ورئيس الوزراء فلاديمير بوتين. وقال مدفيديف ان العام 2011 «لم يكن سهلاً لكنه انتهى بخير»، مضيفاً ان مجريات العام الجديد ستتحدد بناء على «أدائنا ونشاطنا المشترك». ولفت مدفيديف الى ان العام المنصرم، اظهر «اننا متنوعون ونختلف عن بعضنا بعضنا»، معتبراً ان شرط نجاحنا في تذليل الصعوبات يكمن في «قدرتنا على سماع الآخر واحترام رأيه». واستخدم الرئيس الروسي عبارات حماسية، مذكراً مواطنيه بأن روسيا ظهرت على الخريطة السياسية قبل عشرين سنة على انقاض الاتحاد السوفياتي. وقال: «قبل عشرين سنة، احتفلنا بالعام الجديد للمرة الاولى في بلاد تحمل اسم روسيا، الأسم الذي مجّدته انجازات أجدادنا العظام الذين تمكنوا على امتداد القرون، من بناء بلد عظيم وجمع اركان دولة مترامية الأطراف وقوية للغاية. وواجبنا صيانة هذا البلد وبناء دولة عصرية رائدة ينعم فيها الجميع بحياة رغيدة». لكن أمنيات مدفيديف لمواطنيه باستقبال العام الجديد في أجواء دافئة وهادئة لم تنسحب على عشرات المعارضين الذين احتجزتهم اجهزة الأمن بسبب تنظيمهم تجمعات احتجاجية في موسكو وسان بطرسبورغ ليلة رأس السنة. وأعلن ان اجهزة الأمن أفرجت في وقت لاحق عن غالبية المحتجين وبينهم ادوارد ليمونوف الذي رفضت السلطات تسجيله مرشحاً لانتخابات الرئاسة. وكان معارضون اكدوا عزمهم على مواصلة تنظيم الاحتجاجات الحاشدة استعداداً لانتخابات الرئاسة في آذار ( مارس) المقبل. وحددوا الرابع من شباط (فبراير) المقبل، موعداً لحشد مئات الآلاف في موسكو، في عرض عضلات في الشارع. ولم تستبعد اوساط روسية ان تشهد الفترة المقبلة تصعيداً عنيفاً في المواجهة بين السلطة والمعارضة، خصوصاً بعدما اكد زعماء التحركات الاحتجاجية عزمهم على تصعيد الضغوط ضد بوتين. اللافت ان لهجة الاعتراضات على رئيس الوزراء الذي يستعد للعودة الى الكرملين رئيساً بعد شهور، شهدت تطوراً انعكس في وسائل الاعلام في شكل كثيف في الايام الاخيرة من العام المنصرم من خلال حديثها عن «نهاية حقبة بوتين» و»سقوط أسطورة زعيم الامة». واعتبر خبراء ان نجاح المعارضة في حشد تجمعات كبيرة فتح شهيتها على التصعيد خصوصاً بعدما دلت التجربة على ان مئات الآلاف من المواطنين مستعدون للنزول الى الشارع، خلافاً لتوقعات كانت تعتمد على قناعة بسلبية نظرة الروس الى التحركات الاحتجاجية.