تفاقمت أزمة الاسمنت في عدد من المناطق السعودية، وسجلت الأسعار زيادات متفاوتة وصلت في جازان الى 100 في المئة، وفي مناطق أخرى الى 50 في المئة، وسط تخوف المقاولين في المنطقة الوسطى من وصول الأزمة إليهمما يؤثر في مشاريعهم، خصوصاً أن مثل هذه الأزمة اصبحت موسمية كل عام. وقال رئيس اللجنة الوطنية للمقاولين في مجلس الغرف السعودية فهد الحمادي ل «الحياة»: «المنطقة الوسطى ما زالت تشهد استقراراً في الاسعار، ولم تصل الأزمة إليها»، لافتاً إلى أن مثل هذه الأزمة أصبحت موسمية وتحدث كل عام، خصوصاً في الفترة من بعد الحج إلى قبل شهر رمضان إذ تشهد نشاطاً كبيراً في تنفيذ المشاريع لدى مختلف المقاولين، سواء على مستوى الأفراد ام الشركات. وأضاف: «ما يتسبب في هذه الأزمات أن عمل المقاولات أصبح موسمياً أيضاً، وهذا من الأخطاء الكبيرة التي تتسبب في زيادة الطلب على مواد البناء، وبالتالي ارتفاع الأسعار بسبب شح الاسمنت في الأسواق، ما يؤثر في المشاريع وقد يتسبب في تعثرها وتكبد المقاولين خسائر جراء ذلك». وأكد الحمادي أن سوء التخطيط من أصحاب المشاريع هو سبب الأزمة، فليس هناك الا مكةالمكرمة التي بحاجة الى توقف المشاريع في موسم رمضان والحج، اما بقية المناطق فلماذا تتم عملية تنفيذ المشاريع في الفترة من بعد الحج الى قبل رمضان، مشدداً على أهمية مراقبة سوق الاسمنت «لأن الكثير من الأزمات مفتعلة، خصوصاً ان جميع شركات الاسمنت لديها مخزون كبير يلبي الطلب لسنوات». من جهته، وصف الرئيس التنفيذي عضو مجلس إدارة شركة أسمنت الجنوبية سفر محمد ظفير، الأزمة بأنها «مفتعلة من التجار والموزعين، وهم من تسبب في هذه الأزمة وكل أزمة تحدث في كل عام»، مؤكداً براءة المصانع من تلك الأزمة. وقال ل «الحياة» ان الطلب على الاسمنت ارتفع بشكل كبير بعد الحج، ويقدر حجم التسليمات من شركات الاسمنت حالياً بأكثر من 23 ألف طن يومياً، على رغم أن حجم المبيعات لا يتجاوز 20 الف طن يومياً، متوقعاً استمرار الطلب بشكل كبير حتى شهر رمضان المقبل، مشيراً الى أن شركة أسمنت الجنوبية زادت مبيعاتها بنحو 35 في المئة عن العام 2010، إذ تجاوز حجم الطلب الطاقة المنتجة من المصنع. وطالب ظفير شركة «ارامكو السعودية» بتوفير الوقود لشركات الاسمنت التي لديها خطوط إنتاج جديدة حتى تتمكن من تشغيلها ومنها «الجنوبية التي تمتلك خط إنتاج جديد لو تم تشغيله في شهر كانون الأول (يناير) الجاري سترتفع الطاقة الإنتاجية للشركة إلى أكثر من 28 الف طن يومياً. ولم ينف ظفير وجود زحام وطوابير كبيرة عند مصنع الأسمنت، مرجعاً ذلك زيادة الطلب بشكل كبير، لافتاً الى ان هذا الزحام تسبب في تأخر ضخ الاسمنت الى الأسواق من أصحاب الشاحنات، ما أسهم في رفع الأسعار من جانبهم، مؤكداً ان الأسعار لدى المصنع لم تتغير منذ ثلاث سنوات، إذ يتراوح سعر الكيس ما بين 12 و 12.5 ريال. وحذر ظفير من ان استمرار الأزمة وارتفاع الطلب وفق المستويات الحالية فإن المخزون الموجود لدى شركات الاسمنت ستنفد خلال سبعة أشهر، خصوصاً أن حجم الفائض الموجود في السوق حالياً يبلغ ثمانية ملايين طن، لافتاً إلى أن إجمالي ما باعته شركات الاسمنت خلال العام 2010 بلغ 43 مليون طن وارتفع العام الماضي 2011 إلى 48 مليون طن، ما يؤكد أن سوق الاسمنت ستشهد طلباً كبيراً خلال الأشهر الستة المقبلة. أما الموزع عبدالله الدوسري، فوصف وضع سوق الاسمنت في الرياض بأنه مستقر، إذ يتوافر الأسمنت بكميات كبيرة، سواءً من المنتج السعودي ام من المستورد البحريني، الا ان مبيعاتنا يومياً تتراوح بين ثلاث الى خمس شاحنات وبواقع 400 كيس، مؤكداً أن أزمة الاسمنت تتسبب فيها أطراف عدة، سواء من المنتجين أم الموزعين أم المستهلكين، ما يسهم في ايجاد سوق سوداء يستفيد منها مختلف الأطراف ما عدا المستهلك المتضرر الوحيد منها. وأشار الدوسري ل «الحياة» إلى أن أزمة الاسمنت تحدث سنوياً، وتسببت في تعثر مشاريع إنشائية، والأفراد هم أكثر المتضررين، موضحاً أن هناك سلعاً مثل الاسمنت والشعير والرز تشهد أزمات مفتعلة من وقت الى آخر، ما يرفع الطلب عليها وكذلك السعر، مؤكداً ان أصحاب الشاحنات التي تحمل الاسمنت من المصانع هم الطرف الرئيسي في حدوث الأزمات بالتعاون مع المنتجين.