تتفاقم أزمة الإسمنت في عدد من مناطق المملكة، مؤدية إلى وجود سوق سوداء للسلعة، أسفرت عن تعثر المشروعات الإنشائية، بسبب نقص الكميات المعروضة، وارتفاع الطلب. وتتبادل الأطراف المعنية بالأمر، الاتهامات بشأن زيادة الأسعار إلى 25 ريالاً لكيس الأسمنت في جازان، و18 ريالاً في مناطق أخرى. ففيما برأت شركات الإسمنت ساحتها، متهمة الموزعين بالتلاعب في السعر، ألقى البعض بالكرة في ساحة أرامكو السعودية، التي تؤجل ردها على طلبات شركات الإسمنت بالحصول على وقود لتشغيل خطوط إنتاج جديدة، بينما كانت الصورة مغايرة في مكةالمكرمة، التي شهدت قيام فرع وزارة التجارة بإلزام شاحنات إسمنت ببيع حمولتها بالسعر الرسمي، في حضور دورية أمنية. وذكر الرئيس التنفيذي لشركة إسمنت المنطقة الجنوبية المهندس سفر بن ظفير أن «الطلب على الإسمنت ارتفع بكميات كبيرة، بعد انتهاء موسم الحج»، متوقعاً استمرار الطلب بهذه الوتيرة حتى شهر رمضان المقبل». وقال إن «مصانع إسمنت جازان وتهامة وبيشه تنتج يومياً نحو عشرين ألف طن وشركة إسمنت الجنوب بصدد الانتهاء من خط إنتاج جديد، سيوفر نحو خمسة آلاف طن يومياً»، مضيفاً أن «شركة أرامكو لم ترد علينا منذ ثلاث سنوات بشأن توفير الوقود اللازم لتشغيل الخط الجديد». وأوضح أن المنطقة الغربية تسحب كميات كبيرة من إسمنت الجنوب، بسبب كثرة المشروعات هناك، حيث لم تغطي مصانع المنطقة الغربية الطلب المتزايد على الأسمنت». وشكا المواطن إبراهيم عبد الله، من عدم وجود رقابة على عمليات البيع كونها أتت بشكل مفاجئ، لافتا إلى أنه «قبل الأزمة كانت كميات الإسمنت تكفي المشترين وتزيد وبالسعر الثابت». وأوضح أن أزمة الإسمنت ظهرت قبل ثلاثة أيام في محافظات منطقة جازان»، مطالبا الجهات المختصة بإيجاد حلول عاجلة لإنهاء الأزمة و توفير الكميات التي تفي بحاجة السوق». من جهته، ألزم فرع وزارة التجارة في مكةالمكرمة أمس، عدداً من الشاحنات بالبيع بالسعر المحدد، وهو 13 ريالاً للكيس، بعد وصول عدة بلاغات من مستفيدين تؤكد رفع الأسعار عن السعر الرسمي. في الوقت نفسه، أجبرت دورية أمن برفقة ممثلين لقسم مكافحة غلاء الأسعار في وزارة التجارة عدداً من بائعي الإسمنت بتفريغ شحناتهم والبيع بالسعر الرسمي، بعد تأكدها من صدقية التلاعب بالأسعار. وقال نادر أحمد (أحد المشترين) إنه أجرى اتصالاً بفرع وزارة التجارة ليبلغ عن رفع البائعين الأسعار، مفيدا أن «ممثلين من قسم مكافحة الغلاء بادروا بالتواجد في السوق مع دوريات أمن وتمكنوا من إلزام الباعة بالأسعار المحددة». بدوره، نفى أحد المستثمرين في تجارة الإسمنت، وجود أزمة، لكنه أقر بارتفاع الأسعار، وأرجع السبب إلى توقف أحد المصانع عن البيع، الأمر الذي استغله الموزعون وتعمدوا رفع الأسعار. وقال محمد السفياني إن أحد مصانع بيع الإسمنت رفض أن يبيع له بحكم أنه عميل جديد، مضيفا أن العمالة الوافدة تسيطر على السوق، وتمنع المواطنين من التواجد على نفس الطريق، الذي يمارسون عليه عمليات البيع حتى يتحكموا في رفع الأسعار. لجنة المقاولين: دراسة لخفض الأسعار إلى مائتي ريال للطن قال رئيس لجنة المقاولين في غرفة جدة المهندس عبدالله رضوان، إن المشكلة ليست في نقص العرض ولكن في النقل، مفيدا أنه لا يوجد نقص في إنتاج إسمنت، خصوصاً بعد قرار منع التصدير. وتوقع في تصريح ل»الشرق» عدم نشوب أزمة في المستقبل القريب، بعد إصدار تراخيص مصنعين جديدين في الباحة والطائف. وكشف عن أن هناك دراسة لخفض تكلفة الطن من 240 ريالا إلى مائتي ريال. واقترح رضوان لحل هذه المشكلة «إنشاء خط سكة حديد لربط هذه المدن وبتكلفة ثابتة ومنخفضة بدلا من النقل البري». وأفاد أن «عددا من المصانع شكا من شح المحروقات مثل مصنع إسمنت ينبع، داعيا شركات الوقود وفي مقدمتها أرامكو إلى حل مشكلة الوقود وتوفير كميات مضاعفة للمصانع. إسمنت السعودية: فارق السعر في جيوب الموزعين ذكر الرئيس التنفيذي لشركة إسمنت السعودية المهندس محمد القرني أمس أن «شركات الأسمنت ليس لها علاقة بارتفاع الأسعار، مؤكدا ل»الشرق» أن «الشركات تبيع الإسمنت بسعر ثابت منذ 29 عاما، وفق التعميم الصادر من وزارة التجارة الصناعة عام 1983م، والذي يلزم شركات الإسمنت بسعر 260 ريالاً للطن»، مضيفاً أن «العمل بهذا التعميم مازال قائما إلى حد الآن، وأن مخالفته يعرض الشركة للمساءلة القانونية من قبل الوزارة»، لافتاً أن «شركات الإسمنت لا تتعامل مع المستهلك مباشرة، وإنما مع الموزعين المعتمدين»، وقال: «أي فارق في السعر، يصب في صالح الموزع وليس الشركة، التي تراعي هذه الأمور». مواطنون يجتمعون حول شاحنة إسمنت للحصول على عدد من الأكياس (الشرق) مواطن في أبو عريش يظفر بكيس إسمنت