أحالت هيئة الرقابة والتحقيق بمنطقة مكةالمكرمة ستة متهمين جدداً في كارثة سيول جدة بينهم ثلاث شخصيات رياضية معروفة سبق لهم رئاسة مجلس إدارة أحد الأندية في المنطقة الغربية، إلى المحكمة الإدارية في محافظة جدة، بعد أن حررت لوائح اتهام ضدهم كافة بالرشوة على خلفية تورطهم في الكارثة. وبحسب مصادر «الحياة» أن المتهمين الذين جرت إحالتهم إلى المحكمة هم الأشهر في ملف الكارثة الذي يتم النظر فيه من جانب القضاء السعودي. وبيّنت هيئة الرقابة والتحقيق في لائحة الاتهام التي قدمتها إلى المحكمة الإدارية عدداً من الأدلة والقرائن التي تستند إليها في اتهاماتها، مشيرة إلى أن أحد المتهمين (وهو رئيس ناد سابق) تسلم مبلغ خمسة ملايين ونصف المليون ريال على سبيل الرشوة من رجل أعمال ومهندس هما أيضاً شخصيتان رياضيتان معروفتان، وسلمت من طريق متهم آخر وهو رجل أعمال مقابل التوسط لدى موظفين في الأمانة لتطبيق صك تعويضي لأرض غير مملوكة. وقدم المدعي العام عدداً من الأدلة والقرائن على المتهمين بينها إقرارات لبعضهم، وكشوف حسابات، واعترافات مصادق عليها شرعاً. وكشفت المصادر أن من بين المتهمين (تحتفظ «الحياة» بأسمائهم) قيادياً بارزاً في أمانة جدة يحمل منصب مساعد الأمين (موقوف عن العمل)، وقيادياً آخر شغل منصب مدير إدارة مهمة في الأمانة نفسها ورئيس بلدية سابق (موقوف عن العمل)، إضافة إلى موظف حكومي متقاعد، ورجل أعمال. وأوضحت أن هؤلاء المتهمين الستة مطلقو السراح بالكفالة وأن التهم التي طاولتهم هي الرشوة على الستة ما بين راشٍ ومرتشٍ ورائش (وسيط)، فضلاً عن تهمة الاشتغال بالتجارة العامة لموظفين حكوميين. وطلبت الرقابة والتحقيق محاكمة المتورطين طبقاً لأحكام المواد «1، 3، 10، 12، 15» من نظام مكافحة الرشوة، وكذا محاكمة المتهمين الأول والثاني وفقاً للفقرة الأولى من المادة الأولى من المرسوم الملكي، المتعلق بالاشتغال بالتجارة من قبل موظف حكومي. وجاءت إحالة المتهمين المعنيين الجدد إلى القضاء بعد أيام من إغلاق المحكمة الإدارية في المحافظة الساحلية باب المرافعات في قضية أربعة متهمين في الكارثة نهائياً، إذ حددت النطق بالحكم الثالث في قضايا السيول بعد 25 يوماً، وذلك بعد انتهاء 120 دقيقة من المداولات التي جرت خلال الجلسة الأخيرة. وتنوعت التهم الموجهة ضد المتهمين في لائحة الدعوى التي رفعتها هيئة الرقابة والتحقيق ضدهم مابين جرائم تلقي رشاوٍ بمبلغ تجاوز خمسة ملايين ريال، وإساءة استعمال السلطة، والتزوير، والتفريط في المال العام، ومزاولة مهنة حرة، إذ وجهت الهيئة عدداً من التهم لمسؤول الأمانة (الموقوف عن العمل) تتضمن حصوله على رشاوٍ تقدر قيمتها الإجمالية ب5.6 مليون ريال نظير تواطئه في مشاريع عدة من بينها مشاريع تصريف مياه الأمطار والسيول في حي أم الخير شرق جدة. وجرت خلال الجلسات الماضية مواجهة «مهندسين» من جنسيات عربية يعملون في شركة مقاولات بتهم «الرشوة» من خلال تقديم مبلغ 390 ألف ريال لأحد القياديين في أمانة جدة ولعبهم دور «الراشي»، إضافة إلى رشوة موظف حكومي في مقابل إصدار تراخيص ضخ مياه جوفية، والتزوير، والتفريط بالمال العام، ومزاولة مهنة حرة من دون تصريح رسمي، إذ اكتشفت ذلك خلال تحقيقاتها المستمرة بشأن كارثة السيول. وسبق أن أصدر القضاء السعودي حكمين في قضايا كارثة السيول، إذ أصدرت المحكمة الجزئية في المحافظة حكماً ضد أحد المتهمين (مدير إدارة الطرق وسكرتير لجنة الأمطار والسيول في الأمانة السابقين) نص على صرف النظر عن دعوى المدعي العام لعدم الاختصاص، إضافة إلى حكم آخر أصدرته المحكمة الإدارية ضد متهم كندي تضمن إحالة ملف قضيته إلى هيئة الرقابة والتحقيق في منطقة مكةالمكرمة. يذكر أن عدداً من المتهمين وجهت لهم تهم بالتسبب في إتلاف الممتلكات العامة، وإزهاق الأرواح، فضلاً عن ارتكابهم جرائم أخرى شملت الرشوة، والتفريط في المال العام، والإهمال في أداء واجبات الوظيفة، متضمنة عدداً من الأدلة والقرائن أبرزها، إقرار بعضهم بوقوع تقصيرٍ من جانبهم، وما تضمَّنه تقرير الدِّفاع المدنيِ، إضافةً إلى ما ورد في محضر الاطّلاع على الصور، والبيانات المحفوظة على «CD» الوارد بخطاب الأمانة ، ومحضر الانتقال، ومعاينة موقع الكارثة بتاريخ 16/1/1431، ومحضر وقوف لجنة الأمانة، وهي ما استند عليه الادعاء العام. وفي المقابل، أوضح المحامي والمستشار القانوني أحمد جمعان المالكي أن هيئة الرقابة والتحقيق هي المختصة نظاماً بالتحقيق في الجرائم الواردة في نظام مكافحة الرشوة ومن ثم تقرير الإدانة من عدمها، وقال: «إذا قررت إدانة المتهم فتعد بذلك قرار اتهام، وتحيل كامل الأوراق إلى الدوائر الجزائية في ديوان المظالم التي تتولى إصدار الأحكام المناسبة وفق نظام مكافحة الرشوة». وأبان المالكي أن المادة الأولى حددت عقوبة الموظف العام الذي يطلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو أعطية لأداء عمل من أعمال وظيفته ولو كان هذا العمل مشروعاً، بالسجن مدة لا تتجاوز 10 أعوام وبغرامة مالية لا تزيد على مليون أو بإحدى العقوبتين، كما تدين المادة الثالثة الموظف العام الذي يرتكب الأفعال نفسها السابقة للإخلال بواجباته الوظيفية بذات العقوبة، وحددت المادة ال15 عقوبة المصادرة للمال أو الميزة التي حصل عليها الموظف العام كعقوبة أصلية، كما عاقبت المادة العاشرة الراشي والوسيط وكل من اشترك في جريمة الرشوة بذات العقوبة الأصلية التي حددتها المادة الأولى.