كشفت تقارير أميركية أن تنظيم القاعدة يحاول إيجاد موطئ قدم له في ليبيا مستغلاً الثورة التي أطاحت حكم العقيد معمر القذافي. وفي وقت أفادت محطة «سن أن أن» أن زعيم «القاعدة» الدكتور أيمن الظواهري أرسل إلى ليبيا ناشطاً كان مقيماً في بريطانيا، نقلت وكالة «فرانس برس» عن مسؤولين أميركيين إن «القاعدة» أرسلت ناشطين إلى ليبيا في محاولة لتجنيد عناصر بعد سقوط نظام القذافي، إلا أن هذا التنظيم المتشدد لم يحرز أي تقدم كبير في البلاد. وأكد المسؤولون أن تنظيم «القاعدة» أرسل عدداً من أعضائه إلى ليبيا ويشجعه فرعه في بلاد المغرب الإسلامي. وقال مسؤول أميركي طلب عدم كشف اسمه ل «فرانس برس» أن «القاعدة أرسلت بضعة عناصر وتشجع أعضاءها المحليين في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي على التسلل إلى ليبيا للقيام بأنشطة متشددة». إلا أنه أضاف أن «القاعدة» تضررت إلى حد كبير بالحملة الأميركية ضدها طوال عقد كامل، مؤكداً أنها أصبحت مهمشة بفعل الانتفاضات الشعبية في ليبيا والعالم العربي. وقال المسؤول في رسالة إلكترونية أنه «في ما يتعلق بالإطاحة بالقذافي وبالربيع العربي عموماً، وصلت القاعدة متأخرة إلى المعادلة». وأطاحت ثورة شعبية القذافي في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. وقُتل العقيد الليبي بعد أسره خلال معركة سرت في 20 تشرين الأول. ونقلت «سي أن أن» من جهتها عن مصدر لم تسمّه إن قيادة «القاعدة» تحرّك مقاتلين في شرق ليبيا. وقال هذا المصدر إن زعيم التنظيم أيمن الظواهري هو من أرسل شخصياً أحد الجهاديين إلى ليبيا وإن هذا الشخص قام بعمليات تجنيد وبات لديه تقريباً قرابة 200 مقاتل. وأضاف أن هذا الرجل، وهو مقاتل مخضرم اعتُقل لفترة في بريطانيا بشبهة التورط في الإرهاب، ملتزم سياسة «القاعدة» في ضرب المصالح الأميركية. وأشار إلى أن الظواهري هو من أرسل هذا الناشط في وقت سابق من العام الماضي خلال الثورة التي انتهت بإطاحة القذافي. ووصل هذا الرجل إلى ليبيا في أيار (مايو) الماضي وبدأ بعملية تجنيد لمقاتلين في شرق البلاد قرب الحدود مع مصر. وتابع المصدر أن هذا الرجل لديه حالياً قرابة 200 مقاتل وأن أجهزة الاستخبارات الغربية على علم بنشاطاته. وهناك ناشط آخر في «القاعدة» يحمل جنسية مزدوجة أوروبية - ليبية وتم اعتقاله في دولة غير محددة خلال سفره إلى ليبيا من منطقة الحدود الأفغانية - الباكستانية. ويمنع القانون البريطاني كشف اسم الناشط الموجود حالياً في ليبيا ويحاول أن يُنشئ موطئ قدم ل «القاعدة». إذ لا يمكن تعريفه قانونياً سوى ب «أ أ»، وهو الاسم الذي كُشف فقط خلال نزاعه القضائي مع السلطات البريطانية التي أوقفته للاشتباه في نشاطاته الإرهابية لكنها لم توجه له رسمياً هذا التهمة ولم تحاكمه أمام المحاكم. وسافر هذا الرجل إلى أفغانستان في بداية التسعينات ويُعتبر قريباً من الدكتور الظواهري، لكنه استقر لاحقاً في المملكة المتحدة التي أوقفته مع ناشطين آخرين في حملة ضد الأوساط الإسلامية عقب تفجيرات لندن في تموز (يوليو) 2005. ووضعت السلطات البريطانية هذا الليبي تحت إقامة جبرية (كونترول أوردر) لكنه لم توجه له رسمياً تهمة الإرهاب أمام القضاء. لكن الرجل قضى بعض الوقت في سجن بلمارش بين العامين 2006 و2007 خشية أن يفر من البلاد. لكنه تمكن في عام 2009 من مغادرة بريطانيا وعاد إلى مناطق الحدود الأفغانية - الباكستانية وأخذ معه شابين مراهقين قُتل أحدهما في وقت لاحق. وأحد وجوه «القاعدة» الليبيين البارزين حالياً هو أبو يحيى الليبي بعدما قُتل ليبي آخر بارز في التنظيم هو عطية عبدالرحمن في ضربة أميركية في آب (أغسطس) الماضي. وحاول مسؤول أميركي آخر التقليل من المعلومات عن نشاط «القاعدة» في ليبيا، إذ صرح إلى «فرانس برس» بأن ليس هناك ما يدل على أن «القاعدة» تتوجه إلى هناك. وقال المسؤول طالباً عدم كشف هويته: «من المبكر القول إن القاعدة تسعى إلى ترسيخ وجودها في ليبيا (...) والقول إن القاعدة رسخت وجودها في ليبيا هو كلام مبالغ فيه». وأضاف: «أليس أيضاً من المفاجئ أن تكون منظمة بهذا القرب من هزيمة استراتيجية تبحث عن فرص لتلميع صورتها؟»، مؤكداً أن «هذا الأمر تهديد ندرك وجوده تماماً ونعمل مع السلطات الليبية لمواجهته». وبعد سقوط القذافي أبدت الحكومات الغربية قلقها من احتمال أن تستغل «القاعدة» أو مجموعة أصولية أخرى عدم الاستقرار في ليبيا أو أن تستولي على صواريخ أرض جو قام النظام السابق بتخزينها. وأوردت برقية ديبلوماسية أميركية تعود إلى عام 2008 كشفها موقع ويكيليكس أن مدينة درنة في شرق ليبيا تشكل معقلاً للمتطرفين الإسلاميين.