لا يكاد يطل كانون الأول (ديسمبر) حتى تطل معه على الشاشات الفرنسية سلسلة من البرامج تقوم على اختيار دقيق لكل ما طبع العام الذي سينصرم من «مجموعة الحماقات» او الهفوات التي ارتكبتها شخصيات معروفة من سياسيين وفنانين ورياضيين ونجوم تلفزيون... لا توفر تلك البرامج أحداً حتى رئيس الجمهورية. إذ تركز مثلاً على خطبه خلال العام لتكشف عن جمل يكررها، كما تبين حركة معينة يستخدمها دائماً، أو تقارن بين وعود أعطاها هذا العام وأخرى مشابهة قدمها في العام الأول لحكمه. وينتبه الفرنسيون إلى زلات اللسان التي تقع فيها الشخصية خلال أحاديثها كأن تستبدل كلمة بأخرى لها دلالتها في اللاوعي. وهكذا، ظهر ساركوزي في خطاب يقول: «وأنا الآن في المانيا» ثم استدرك بسرعة: «الالزاس». ومن يعرف التاريخ يدرك معنى زلة كهذه. كذلك فعلت رئيسة الحزب الاشتراكي أوبري حين وصفت برنامج الحزب بأنه «غامض» بدلاً من القول «شامل». اما أشهر الهفوات فكانت خلط رشيدة داتي الوزيرة السابقة بين كلمة «التضخم المالي» وأخرى ذات معنى جنسي، فكانت «المثال المفضل» الذي لم تكف البرامج عن عرضه! ولا تخلو البرامج من «الحماقات» العادية التي تحصل سنوياً كلحظات انفجار مذيعين بالضحك في بث مباشر وعدم قدرتهم على التوقف، أو على العكس لحظات الصمت المربكة التي يقع فيها المذيع لعدم جاهزية التحقيق أو لاختفاء المراسل أو انقطاع الاتصال... تضاف إلى تلك البرامج، اللائحة الساخرة التي تعدها قناة «باريس-برميير» في هذه الفترة «لأسوأ» مقدمي البرامج التلفزيونية، وأيضاً استطلاعات الرأي التي يجريها بعض المجلات حول الشخصية الأكثر «إغاظة» للفرنسيين هذا العام مثلاً، وتختارها من بين شخصيات سياسية ورياضية... وأيضاً من المذيعين. وهكذا انتخب مقدم برامج تلفزيون الواقع على القناة الأولى بنسبة 66 في المئة من الأصوات كأكثر المذيعين «ازعاجاً» و«إغاظة» للمشاهدين، فما إن يظهر على الشاشة حتى يسارعوا بالتحول نحو قناة أخرى! وحل ثلاثة من أصل الخمسة الأوائل من «فرانس2»، وبينهم مذيعان هما باتريك سبستيان مقدم «أكبر كباريه في العالم»، وميشيل دروكير مقدم «فليأت الأحد!»، ودروكير لم يكتف بذلك بل نال ايضاً مركزاً في «لائحة جيرار» لكونه «البطل الذي لا يقهر والذي يقاوم منذ أكثر منذ 30 سنة كل مديري البرامج، والضغوط السياسية، والمتابعة الضعيفة لبرامجه...». لو توافرت مثل هذه البرامج في التلفزيونات العربية وتقرر توزيع جوائز على الأكثر سوءاً، فقد يكون عددها أكثر من أن تتسع له ساعات التلفزيون، ولبدا بعض تلك الجوائز بديهياً ولا سيما منها التي ستمنح للقناة الأكثر إغاظة للمغامرين بمشاهدتها والأكثر ضحكاً عليهم وسخرية من عقولهم، وتلك التي تتحفهم بالبرامج الفكاهية الأكثر سماجة، والأخرى الأكثر قدرة على تنكيد يومهم...