دعنا من استفتاءات آخر العام التي تنظمها هذه القناة حول أفضل برنامج حوار، أو تلك عن أحسن مسلسل. ودعنا كذلك من التحقيقات الصحافية التي تتبارى في مثل هذا الوقت من كل عام على «تلميع» من تود تلميعه من نجوم سطعوا أو ربما خفتوا، وإظهار مذيعين تألقوا أو ربما انطفأوا، لا سيما وأن الكثير من مثل هذه التحقيقات والاستفتاءات لا يخلو من شبهة المجاملة حيناً وتخليص الحق والأخذ بالثأر أحياناً. هذا العام يمكن للمشاهد المبتكر الذي لا يميل الى الكلاسيكية ويمل الاعتياد أن يبذل قليلاً من الجهد ليعرف تقويم الفضائيات العربية خلال عام مضى من وجهة نظر المشاهدين أنفسهم من المحيط للخليج. أحد أفضل هذه الوسائل هي «غوغل إجابات»! فقط أدخل على الشبكة العنكبوتية وتصفح هذا الموقع الذي تم تدشينه بالعربية قبل نحو عام كخدمة من شركة «غوغل»، وهو عبارة عن أسئلة وإجابات تعتمد على مساهمات المستخدمين. وبعيداً من أهداف إثراء المحتوى العربي، أو زرع روح التعاون بين مستخدمي الإنترنت من العرب، أو ربما استخدام الأسئلة والإجابات من جهات أخرى لمعرفة ما يشغل بال العرب واهتماماتهم وأساليب طرحهم لها والحلول التي يفكرون فيها، فإن الأسئلة الخاصة بالفضائيات العربية هذه الأيام مثيرة للاهتمام من حيث الكم والكيف. «أي الفضائيات العربية السياسية تفضل هذا العام؟ ولماذا؟» وتأتي الإجابات مثيرة للاهتمام حيناً والتعجب حيناً والضحك أحياناً. وهذه عينة: «»العربية» تليها «الجزيرة»، «»الجزيرة» ولا شيء سوى «الجزيرة»»، «»الجزيرة» الأسوأ والأقل موضوعية»، «»الحوار» لأنها الأفضل»، «»سبيس تون» لأني قرفت من السياسة»، «»المصرية» ثم «المصرية»... أنا أكره «الجزيرة»»، «»العربية» رغم أنف الجميع». ويأتي سؤال آخر: «من كان أفضل مقدم برامج سياسية هذا العام؟». هنا يبدأ بعضهم في اختيار مذيعيهم المفضلين خلال العام، فهناك من اختار سامي حداد أو منى الشاذلي أو مصطفى الأغا، وهكذا. وينخرط البعض الآخر في نعرات وطنية، فهذا يتهم المذيع المنتمي إلى دولة أخرى بالتفاهة، أو السطحية، أو التحيز، وينقلب الأمر كما هو متوقع في مثل هذه الأحوال إلى معركة طاحنة على متن «غوغل إجابات». لكن الأكثر طرافة الأسئلة الأخرى التي تتعلق بالسياسة. فهناك من طرح سؤالاً مشتعلاً يقول: «لو سألك مذيع قناة فضائية عربية على الهواء: من أفضل رئيس أو قائد عربي، ماذا تقول؟»... وتتراوح الإجابات بين المضحك والمحزن والمخزي. وتمضي «غوغل إجابات» في إمداد من يود بمقدار كبير من الأسئلة التي لا تخطر على بال، والتي تفجر بدورها قضايا فضائية عربية لا حصر لها. فهل أدى دخول المذيعات الخليجيات إلى سحب البساط من تحت المذيعات اللبنانيات؟ هل تسببت الفضائيات العربية في إثارة الفتن بين الدول العربية؟ لماذا نجحت المسلسلات السورية في منافسة قرينتها المصرية؟ من أخبر الفضائيات العربية أننا شعوب خفيفة العقل؟ وتبقى الأسئلة أهم من الإجابات، فهي إن عكست شيئاً فاهتمام المواطن العربي بقضايا إعلامية لا تندرج بالضرورة تحت بند اهتمامات استفتاءات واختيارات الجهات ذات المصالح العامة والخاصة.