الرياض - رويترز - يملك رجل الأعمال السعودي عمر الخالدي شقة فاخرة في بيروت، وأخرى في القاهرة منذ عام 2006، وكانت إحداهما خياره الأول عندما يقرّر قضاء عطلة نهاية أسبوع طويلة أو خلال الإجازات الرسمية. وقال: «لم أزر أياً منهما منذ أربعة شهور، بل أذهب حالياً إلى دبي لأنني لا أحب الرحلات الطويلة والأوضاع الأمنية غير المستقرة». ويبدو أن قائمة المدن العربية الجاذبة للسياحة ستشهد نوعاً من إعادة الترتيب خلال العام المقبل، في ظل الاضطرابات السياسية التي يشهدها بعض دول المنطقة، لتشكل بعض المدن مثل دبي، ودول غير عربية مثل تركيا وماليزيا، الوجهة الأولى للسيّاح العرب بعدما كانت مصر ولبنان في الصدارة. ففي مصر، حيث السياحة أحد أهم مصادر العملة الصعبة، لا يزال متظاهرون في ميدان التحرير يحتجون على سياسات المجلس العسكري الذي يدير أمور البلاد ويطالبون بسرعة تسليم السلطة إلى حكومة مدنية. وعلى رغم أن لبنان لم يشهد ثورات «الربيع العربي»، إلا أن قطاع السياحة فيه تضرّر جرّاء الاضطرابات التي تعصف بسورية، التي يمر عبرها عادة نحو 300 ألف سائح عربي براً إلى لبنان. وقال رئيس «المنظمة العربية للسياحة» بندر آل فهيد في تصريح الى وكالة «رويترز»: «السياحة البينية العربية كانت تمثل 49 في المئة قبل الاضطرابات، وتكبدنا خسائر تتجاوز العشرة بلايين دولار هذه السنة، في حين كانت مصر وتونس الأكثر تضرّراً». وأضاف: «كنا نأمل في أن تنتهي الاضطرابات في شكل أسرع، فالقطاع السياحي حساس جداًَ والأمن ركيزة أساسية في دعم السياحة». وتشهد المنطقة العربية احتجاجات شعبية غير مسبوقة أطاحت رؤساء تونس ومصر وليبيا واليمن وامتدت إلى سورية والبحرين وسلطنة عمان والمغرب والأردن، وتطالب بتحسين مستويات المعيشة وتعزيز الحريات وتداول السلطة ومحاربة الفساد. وأوضح أن «في وقت الأزمات، نراهن عادة على السياحة البينية العربية، وقد تجاوزنا أزمات عدة في السابق عبر هذه الإستراتيجية، لكن هذه المرة الموضوع مختلف». وتابع: «وصلت نسب تسريح اليد العاملة إلى 20 في المئة، وكانت توقعات تشير إلى انتهاء الأزمة بسرعة، ولكن في حال استمرت المشاكل ستتكلف الدول خسائر أكبر وسيتضاعف عدد الخسائر في الوظائف وقد يغلق عدد من المنشآت والشركات السياحية في شكل كامل». ولكن تلك الأرقام لم تنعكس على شركات السفر والسياحة في السعودية، إذ يؤكد مدير تطوير الأعمال في «مجموعة الطيار للسفر والسياحة» راشد المقيط، أن «الشركات لم تسجّل أي تراجع في مبيعاتها هذه السنة، وكانت سنة جيدة ووجد السائحون وجهات بديلة عن الدول المضطربة». ولفت إلى أن «سورية ولبنان ومصر كانت تستقبل نحو 1.5 مليون سائح سعودي سنوياً، وتلك الوجهات شبه مشلولة حالياً، ما رفع الطلبات على المقاعد والفنادق إلى ماليزيا وتركيا وكندا والولاياتالمتحدة». وبيّن آل فهيد «ارتفاع عدد الزوار العرب إلى تركيا بنحو 80 في المئة مقارنة بالعام الماضي، وسنعمل على إعادة استقطابهم إلى بعض المدن الآمنة مثل شرم الشيخ، كما سنحاول استقطاب السياح الأتراك وبعض زوار تركيا». وشدّد على أن «القطاع السياحي يتأثر سريعاً ويتعافى سريعاً، ونحن متفائلون بانتهاء تلك الاضطرابات قريباً». وقال المقيط: «عملنا هذه السنة على زيادة حجم استثماراتنا في الولاياتالمتحدة وماليزيا وكندا ودبي، والإقبال عليها جيد جداً، كما أن السعوديين باتوا أكثر إقبالاً على الوجهات الجديدة والمختلفة». وكان كبير الخبراء الاقتصاديين لدى «كاب ام» للاستثمار مهدي مطر، وهي شركة تتخذ من أبو ظبي مقراً، أشار في تصريح الى وكالة «رويترز» في أيار (مايو) الماضي، الى ان الكثير من السيّاح العرب جاؤوا إلى دبي نتيجة الاضطرابات في بعض الدول العربية، ما رفع معدلات الإشغال وعدد السيّاح.