احتفلت جموع المصريين أمس في ميدان التحرير بالقاهرة وميادين عدة بأنحاء البلاد بالذكرى الأولى لثورتهم، وسط مطالبات من بعض القوى الثورية، للمجلس العسكري "بضرورة تسليم إدارة شؤون الدولة لمجلس الشعب ليشرف نوابه المنتخبون على إعداد الدستور وإجراء الانتخابات الرئاسية". وتوافد مئات الآلاف على "التحرير" فرادى وفي مسيرات حاشدة، منذ صباح أمس من مختلف مناطق محافظتي القاهرة والجيزة، حاملين لافتات تندد بالمجلس العسكري وتطالب "بالعدالة الاجتماعية والقصاص من قتلة الشهداء". وتراجع شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب عن الذهاب إلى ميدان التحرير كما وعد مسبقا، لكنه أناب عنه رئيس مكتبه الفني حسن الشافعي، الذي تلا كلمته إلى الثوار وقال فيها "أناديكم اليوم بكل حب وإخلاص وولاء لمصر، أن تملكوا أمركم، وتحرصوا على وحدتكم، وتحفظوا وطنكم، وتذكروا أرواح شهدائكم". ولم يتمكن الدكتور محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية من استكمال السير في المسيرة التي انطلقت من مسجد الاستقامة بالجيزة، في طريقها إلى ميدان التحرير، وسط هتافات مدوية "عسكر عسكر عسكر ليه.. إحنا في سجن ولا إيه". وأرجع أنصار البرادعي سبب انسحابه إلى ظروف صحية، لا تمكنه من الوصول إلى "التحرير". وبدا واضحا كثرة المنصات، المنتشرة في جنبات الميدان، والتي عكست بقدر كبير اختلافات أيديولوجية في نوعية الهتافات، وكان أبرزها منصتي جماعة الإخوان المسلمين، وأسر الشهداء. ولوحظ منذ اللحظة الأولى أن التيار الإسلامي المتمثل في كوادر الإخوان والسلفيين، بسط سيطرته على الميدان، من أول اللجان الشعبية التي تشكلت للكشف عن هوية الوافدين إلى الميدان عبر منافذه الثمانية، ومرورا بترديد أناشيد دينية، تتغنى بعودة أمجاد الإسلام، يتخللها بث آيات القرآن الكريم، في مواجهة هتافات تطالب "بسقوط العسكر". وأصدر ما يقرب من 65 حزبا وحركة وشخصية عامة، بيانا أعلنوا فيه " سقوط شرعية المجلس الأعلى للقوات المسلحة، كحاكم للبلاد، وطالبوه بتسليم إدارة شؤون الدولة لمجلس الشعب ليشرف نوابه المنتخبون على إعداد الدستور وإجراء الانتخابات". واتهم البيان، "المجلس العسكري بالفشل"، معللين ذلك بأنه لم يتحقق هدف واحد من أهداف الثورة، بعد مرور عام كامل عليها. وطالبوا "بتقديم كافة المتورطين في أحداث العام الماضي، بداية من أحداث 9 مارس و8 أبريل وانتهاءً بأحداث مجلس الوزراء، بما يشمل العسكريين والشرطة والبلطجية والقيادات التي أصدرت التعليمات والأوامر، للمحاكمة". ومع انتصاف يوم أمس كان الميدان يعج بالمتظاهرين الذين رفعوا لافتات غلب عليها السخرية والتهكم وأكدوا "أنهم سينظمون مليونية تتجه إلى المركز الطبي العالمي بطريق الإسماعيلية الصحراوي، للمطالبة بالقصاص من الرئيس السابق حسني مبارك". وقبل ظهر أمس كان السجن الذي شيده المتظاهرون بالميدان، وكتبوا عليه "سجن الفلول أعداء الثورة هل من مزيد" يضم ثلاثة من الذين قبض عليهم عند محاولتهم دخول الميدان ويخفون في ملابسهم أسلحة بيضاء. وشهد ميدان العباسية اشتباكات محدودة بالأيدي بين مسيرة نظمتها حركة 6 أبريل وبين المتظاهرين في العباسية من مؤيدي المجلس العسكري والشرطة من حركة "صوت الأغلبية الصامتة". ووقعت الاشتباكات حينما انطلقت مسيرة من أمام جامعة عين شمس تضم المئات من حركة 6 أبريل متوجهة إلى ميدان التحرير للالتحام باحتفالات ميدان التحرير وقالت مصادر أمنية إن الشرطة أحبطت بعض العمليات التخريبية، وألقت القبض على عناصر سعت إلى تخريب منشآت والإخلال بالأمن . ورفض المرشح المحتمل للرئاسة عمرو موسى، ما يطالب به بعض الثوار "بأن يتخلى العسكري عن السلطة للبرلمان". وقال "تسليم السلطة إلى مجموعة غير منتخبة يحول البلاد جماهيرية فوضوية". وفي الإسكندرية احتشد الآلاف قبالة مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية للاحتفال بذكرى الثورة، رافعين الأعلام المصرية. وشهدت الساحة مشادات كلامية عاصفة بين أهالي الشهداء المعتصمين داخل حديقة الخالدين وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين بسبب إصرار الجماعة على إعطاء اليوم صبغة احتفالية بنتائج البرلمان، التي حققها التيار الإسلامي، بينما يطالب أهالي الشهداء بالقصاص لدماء أبنائهم.