لم تقف تبعات نتائج المرحلة الثانية في الانتخابات المصرية عند حد ضمان الإسلاميين غالبية مقاعد البرلمان البالغة 498 مقعداً قبل حتى اكتمال الانتخابات، فهذه النتيجة كانت متوقعة لمعارضيهم قبل مناصريهم، بل ان الأمر وصل إلى تفجر أزمات في أحزاب محسوبة على التيار المدني مثل حزب «الوفد» الذي نالت قيادته انتقادات شديدة. وحملت أجنحة في «الوفد» رئيسه السيد البدوي مسؤولية الخسارة الموجعة (حصل على 30 مقعداً فقط) وطالبت بسحب الثقة منه وإجراء انتخابات داخلية مبكرة. ونقل عضو الهيئة العليا في الحزب عصام شيحة عن مقربين من البدوي تأكيدهم أن «الوفد» سيعود مجدداً إلى تحالف «الإخوان المسلمين» المسمى «التحالف الديموقراطي من أجل مصر»، بعدما كان انسحب منه قبل الانتخابات بأيام. وقال شيحة ل «الحياة» إن «البدوي يؤكد في اجتماعات الوفد الداخلية أن الوفد انسحب من تحالف الإخوان الانتخابي. أما التحالف السياسي فهو مستمر، وهو ما يوحي بإصرار البدوي على الانضواء أسفل عباءة الغالبية النيابية للإخوان». وأكد أن «هناك تيارات داخلية واسعة ترفض في شدة التحالف مع الإخوان وبدأت في العمل على سحب الثقة من البدوي»، مشيراً إلى أن «هذا التحالف إن حدث سيفجر الوضع أكثر». وأعرب عن تمنيه «أن يمر الأمر في إطار مؤسسي»، وإن أقر بوجود «تيار قوي داخل الحزب يرغب في ثورة على قيادات الوفد، خصوصاً مع إصرار البدوي على الاستمرار في منصبه». وأشار إلى أن «هناك حالاً من الغليان داخل الوفد بسبب سياسات البدوي التي أدَّت إلى النتائج المخيبة في الانتخابات البرلمانية». وأشار إلى اتهامات لرئيس الحزب ب «إهدار أموال الوفد والفشل في إدارة المعركة الانتخابية». وكانت نتائج المرحلة الثانية من انتخابات مجلس الشعب أعلنت رسمياً في القاهرة أمس. وأشار رئيس اللجنة العليا للانتخابات المستشار عبدالمعز إبراهيم إلى أن نسبة المشاركة في جولة الإعادة بلغت 43 في المئة. وتعهد «العمل على تدارك الأخطاء التي وقعت في المرحلتين الأولى والثانية». وأكد أن لجنته «ستعكف على تفادي الكثير من العقبات والأخطاء الإدارية واللوجيستة في المرحلة الثالثة عبر اتخاذ خطوات عدة من شأنها تيسير عملية الانتخاب والفرز والمتابعة». وحدد بين هذه الخطوات «تعيين مسؤول قضائي يختص بعملية التنسيق مع السلطات الأمنية، والتأكيد على وصول القضاة إلى مراكز الاقتراع قبل مواعيد بدء الاقتراع بوقت كاف، وعمل بطاقات تعريف بهوية القضاة الذين يضطلعون بعملية الإشراف على الانتخابات، والتأكيد على حقوق ذوي الإعاقة ومساعدتهم طبقاً لما قرره قانون مباشرة الحقوق السياسية، والتأكيد على وجود مسؤول يختص بمرافقة صناديق الاقتراع إلى اللجان الانتخابية العامة التي تباشر عملية فرز الأصوات». ولفت إلى أنه أحال «الكثير من البلاغات عن وجود مخالفات انتخابية لأعمال الدعاية وغيرها على النيابة العامة بوصفها جهة التحقيق المختصة في هذه الأمور بحكم القانون»، نافياً أن يكون طلب إلى المحكمة الإدارية العليا شطب أي من المرشحين في المرحلتين الأولى والثانية لاستخدامه دعاية دينية لأنه لم يتلق بلاغات رسمية بذلك. وكانت نتائج الجولة الثانية رسَّخت هيمنة الإسلاميين، وفي القلب منهم حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية ل «الإخوان»، على أول برلمان بعد إطاحة الرئيس المخلوع حسني مبارك، فبالنسبة إلى المقاعد المخصصة لنظام القائمة (120 مقعداً)، نال الحزب 39 في المئة تلاه «النور» السلفي بنحو 33 في المئة. وقال حزب «الوفد» إنه حصل على 20 مقعداً، فيما حلَّت «الكتلة المصرية» في المركز الرابع بنحو 9 مقاعد فقط. أما في المقاعد الفردية (60 مقعداً)، فحصل «الحرية والعدالة» على 40 مقعداً، فيما حصل «النور» على 13 مقعداً، والمستقلون على 6 مقاعد، ومقعد واحد لحزب «الإصلاح والتنمية» اقتنصه رئيس الحزب محمد أنور عصمت السادات في محافظة المنوفية. وتوقع القيادي في «الحرية والعدالة» علي عبدالفتاح استمرار تقدم حزبه في المرحلة الثالثة، مشيراً إلى أن له «وجود كبير في محافظات الغربية والدقهلية والقليوبية، وإن كان حضوره أقل في محافظات مثل مرسى مطروح، لكن سيحصل توازن في النتيجة النهائية». وأكد الناطق باسم «النور» يسري حماد أن المرحلة الثالثة «ستشهد استمراراً في الخريطة الانتخابية الحالية»، وإن كان أقر بضعف الوجود السلفي في عدد من محافظات المرحلة الثالثة التسع. من جهة أخرى، قالت مصادر في تحالف «الكتلة المصرية» الليبرالي ل «الحياة» أنه «سيسعى إلى استمرار توسيع تحالفاته مع القوى المدنية في المرحلة الثالثة المقررة مطلع الشهر المقبل، في مسعى أخير لتدارك التراجع في المرحلة الثانية إلى المركز الرابع». وتوقعت أن يحقق التحالف الذي يضم ثلاثة أحزاب نتائج جيدة في المرحلة الثالثة، مشيرة إلى الكتل التصويتية للأقباط في الصعيد، خصوصاً في محافظتي قنا والمنيا.