تجاوزت التكلفة التي تكبدها المصرف المركزي العراقي منذ عام 2004 لتثبيت سعر صرف الدينار أمام العملات الرئيسة 200 بليون دولار، وفق مسؤولين عراقيين، نبهوا إلى احتمال نمو الرقم في الشهور المقبلة بسبب ضغوط يتعرض لها الدينار من العقوبات الأممية والغربية على سورية وإيران اللتين يقيم العراق معهما علاقات اقتصادية وطيدة. وأوضح مستشار رئيس الوزراء للشؤون القانونية فاضل محمد، أن المصرف المركزي حوّل 200 بليون دولار إلى خارج العراق من طريق مزادات لدعم سعر صرف الدينار واستعادة التوازن إلى السوق المحلية للقطع الأجنبي. وانخفض سعر صرف الدينار خلال الأيام الماضية أمام الدولار إلى ألف و227 ديناراً لكل دولار، من ألف و118 ديناراً. ووصف آلية السياسة النقدية للعراق ب «الفريدة» من نوعها على مستوى العالم، إذ قال ل «الحياة»: «لا يوجد في العالم اليوم مصرف مركزي يستمر في عقد مزادات ويضخ كميات ضخمة من الدولار حتى يدعم سعر صرف ثابت للعملة المحلية. وبما أن هذه التجربة جديدة، ظهرت فيها أخطاء، واستفاد منها بالتالي أشخاص ليسوا تجاراً». وتابع فاضل: «نشتري الدينار ونبيع الدولار، وتتحول هذه المبالغ عبر المزادات إلى الخارج من طريق الحوالات. وثمة أشخاص شاركوا في مزادات المصرف المركزي وهم ليسوا فعلاً تجاراً، ولم تذهب هذه المبالغ لأغراض الدولة والقطاع الخاص وتغطية حاجات، وإنما إلى جيوب مضاربين ومهربين استفادوا من هذه الأموال المخصصة لمشاريع الشعب ورفاهيته». وقال نائب محافظ المصرف المركزي العراقي مظهر محمد صالح ل «الحياة»: «حوّل المصرف المركزي حتى العام الماضي ما يقرب من 180 بليون دولار في حوالات مالية بالعملة الصعبة إلى الخارج، وهي آلية من آليات مزادات المصرف، ويتوقَّع وصول التحويلات هذا العام إلى أكثر من 200 بليون دولار». وزاد «أن هذه الآلية، أي مزادات بيع الدولار، وجدت أصلاً لخدمة السوق وتلبية احتياجات الاقتصاد العراقي». وشدد على «أن المصرف المركزي لن يتراجع عن قراره بطلب إشعارات ضريبية من الجهات المساهمة في المزادات، بهدف معرفة أسباب طلب كميات ضخمة من الدولار، ومتابعة حركة الأموال، فنحن ملزمون تطبيق بنود الاتفاق الدولي الخاص بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب». إيران وسورية ولم ينفِ صالح استمرار تأثيرات دول الجوار، خصوصاً إيران وسورية اللتين فرِضت عليهما عقوبات اقتصادية دولية ما تسبب في تدهور قيم عملتيهما، لكنه نفى أن يكون لهاتين الدولتين تدخل مباشر في مزادات العملة العراقية، وقال «إن المزادات مخصصة للمساهمين العراقيين حصراً ولن نسمح بأي تدخل خارجي بها». وشرح أن المزادات شهدت أخيراً دخول من يمكن تسميتهم «المضاربين الأشباح»، «فهم يدخلون باسم جهة محلية لكنهم في الأصل يعملون في الخفاء لتحقيق أرباح تحت بند المضاربة في السوق السوداء، ولهذا نستمر في التشدد في تدقيق الطلبات». ولفت إلى أن احتياطات المصرف المركزي من العملة الأجنبية ارتفعت أخيراً من 52 بليون دولار إلى أكثر من 63 بليون دولار. وأكد «أن الخطة الحالية للمصرف تتجه نحو تعزيز قيمة الدينار أمام الدولار، وبعد تنفيذ مشروع حذف ثلاثة أصفار من الدينار، سنتمكن من أن نطبق عبر المزادات آلية تجعل كل دينار عراقي جديد يعادل دولاراً».