أليس من العجيب مصادفة انفجارات دمشق مع وصول مراقبي الجامعة العربية، مثلما تصادفت سلسلة التفجيرات في بغداد مع رحيل الأميركي وتخبط العملية السياسية؟! وكأن المؤلف واحد، ربما هو فكر واحد، هذا الفكر الذي يسترخص دماء البسطاء ويصل إلى قمة السلطة متربعاً على أشلائهم. من وراء سلسلة تفجيرات بغداد المروعة، هل هي «فلول البعث» هنا وهناك؟ أم أنها القاعدة، كما قالت دمشق عن التفجيرات التي استهدفت مواقع أمنية. الناطق الأمني في بغداد تحدث عن 16 تفجيراً ما بين سيارات مفخخة وعبوات ناسفة في صباح دامٍ، في حين قالت قناة البغدادية العراقية إن هناك 40 انفجاراً، ولم تستطع المذيعة تقديم إحصائية عن العدد الفعلي للضحايا. ما هذا التوحش والدموية المغرقة في القذارة؟ لكن الناطق الأمني في بغداد قال كلاماً عجيباً، قال: «إننا لم نتهم أحداً ولكن المواطنين العراقيين يعرفون الجهات التي تقف وراء التفجيرات». الضحايا في تفجيرات بغداد معظمهم من البسطاء والضعفاء، هم إما عمال أو موظفون، مع حصيلة مهمة من القضاة والمحققين ما بين قتيل وجريح. استهدف انتحاري مبنى هيئة النزاهة بسيارة مفخخة، ثم دخل ملثمون وسرقوا ملفات، يبدو أن هناك رغبة في ظهور ملفات واختفاء أخرى. يعيش العراق حالة قريبة من «اللبننة»، وكان هذا متوقعاً منذ ان اشتغل الاحتلال الأميركي وإيران على تفجير المكونات، ويرشحه بعض المراقبين المتشائمين للدخول في مرحلة «الصوملة»، لا سمح الله تعالى. الواجب ألاّ يُترك العراق وحده، وللجامعة العربية دور مفقود فيه، وإنّ تأخُّرَ حضورها «المتوقع» ثمنه كبير. استمر ما أُطلق عليه «العملية السياسية» بالعيش على وجود المحتل، فكان هو المغذي وهو الضامن، وها هي الآن تصل للطريق المسدود المتوقَّع مع خروج قواته العسكرية. اختفى المغذي فأنهك المرض الجسد، العراق الآن في محطة التفرد بالحكم، حكم حزب الدعوة بقيادة المالكي والتصفية بالتدريج، ومن ليس لديه ميليشيات ومجاميع مسلحة في حكم المنتهي. كان التخويف والترويع من سياسات الدكتاتور صدام، وهما يستنسخان الآن في مرحلة الديموقراطية والحرية، مرة بعباءة القاعدة ومرة «بما يعرفه المواطن العراقي»، كما ذكر الناطق الأمني في بغداد ولا تريد السلطة أن تكشفه. لكن، ما فائدة علم المواطن العراقي بالجهات التي تقف وراء قتله وهو لا يستطيع فعل شيء؟ العراق في حاجة لكم أيها العرب أكثر من أي وقت مضى، والجامعة التي أصبح لها صوت مختلف يجب أن تحضر. www.asuwayed.com