في خضم استعدادات لندن لاستقبال ملايين الزوّار المُقرر توافدهم من أنحاء العالم لحضور دورة الألعاب الأولمبية 2012، تستضيف بريطانيا آلاف النشاطات الثقافية والفنية قبيل إضاءة شعلة الأولمبياد. وسيُختتم الأولمبياد الثقافي بإعلان انطلاق مهرجان لندن ليستمر من 21 تموز (يوليو) إلى 9 أيلول (سبتمبر) 2012. ويشتمل الأولمبياد الثقافي على مجموعة من النشاطات الفنية والموسيقية والمسرحية التي تلبي اهتمامات مختلفة. وتقول مديرة هيئة السياحة البريطانية في الشرق الأوسط كارول ماديسون إن «النشاطات الثقافية التي نظّمت في بريطانيا خلال السنوات الأربع الماضية، مكّنت آلاف الأشخاص من اكتشاف جوانبهم الإبداعية، لا سيما من الشباب». وتضيف: «ستزداد النشاطات الثقافية تنوعاً مع دنوّ إضاءة الشعلة الأولمبية، وسيحظى الزوّار من منطقة الشرق الأوسط بآلاف الخيارات، من معارض وحفلات موسيقية وعروض أزياء ومسرحيات ومهرجانات تتناسب مع مختلف الأذواق والأعمار والاهتمامات». ومن أبرز أحداث «الأولمبياد الثقافي» «مهرجان شكسبير العالمي»، وهي احتفالية تنطلق في 23 نيسان (أبريل) 2012 في ذكرى وفاة المؤلف المسرحي الشهير. ويحتفل المهرجان بالإرث الأدبي لوليام شكسبير الذي يعتبر أحد أعمدة الأدب الإنكليزي. وسيجتمع آلاف الفنانين من أنحاء العالم لتقديم أكثر من 70 إنتاجاً مسرحياً من الروائع الشكسبيرية مثل: «هامليت»، «ماكبث»، «كوميديا الأخطاء»، «يوليوس قيصر»، «الملك لير»، «روميو وجولييت»، «ترويض النمرة»، «تاجر البندقية»، وغيرها... إضافة إلى نشاطات ومعارض وورش عمل ومؤتمرات تناقش أعمال شكسبير وتسلّط الضوء على جوانب من حياته الشخصية. وستعرض الأعمال الشكسبيرية ب37 لغة، علماً أن اللغة العربية أخذت حيزاً كبيراً من خلال أربع مسرحيات. فتؤدي فرقة مسرح العراق مسرحية «روميو وجولييت في بغداد» بالعربية، وهي نسخة مُحدثة من الملحمة الرومانسية، ممزوجة بالتراث والشعر والموسيقى العراقية، يحاول من خلالها المخرج مناضل داوود تسليط الضوء على معاناة عاشقين عراقيين في بلد تعمه الصراعات. ومن أرض البوعزيزي تأتي المسرحية التونسية «ماكبيث: ليلى وبن علي – تاريخ دموي»، حيث سعى المخرج التونسي لطفي عاشور إلى تجسيد شخصيات شكسبير الديكتاتورية، في هيئة ليلى الطرابلسي وزوجها الرئيس السابق زين العابدين بن علي، دامجاً نصوص شكسبير بالفيلم والتغطية الإعلامية، تعبيراً عن وسائل القمع التي تفنّن بها بعض الحكام العرب. وتؤدي فرقة «مسرح عشتار» الفلسطينية مسرحية «ريتشارد الثاني» التراجيدية برؤية مختلفة تتناول هموم الفلسطينيين. وللمرة الأولى تُقدّم مسرحية لشكسبير بلهجة «عربي جوبا» الشائعة الاستخدام في جنوب السودان، إذ كتب المؤلف تابان لو ليونغ مسرحية «سيمبيلين» التراجيدية بلهجة جنوب السودان المحلية، مضيفاً عنصر الثقافة والأساطير المحلية لإنتاج عمل درامي يعكس الحياة الاجتماعية والسياسية المعاصرة هناك. وللصم والبكم نصيب أيضاً، إذ تؤدي فرقة «ديفينيتلي ثياتر»، وللمرة الأولى، مسرحية «عذاب الحب الضائع» (Love's Labour's Lost) بلغة الصم والبكم. وبذلك، يُعدّ «مهرجان شكسبير العالمي» الذي يستمر حتى تشرين الثاني (نوفمبر) 2012، أكبر احتفالية بالموروث الأدبي الوافر للشاعر والكاتب الذي ألّف مئات الأعمال الأدبية، بين مسرحيات وقصائد. وتعبّر الناطقة الرسمية باسم الحكومة البريطانية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا روزماري ديفيس عن سعادتها «لأن عدداً من روائع شكسبير سيؤدّى باللغة العربية، ما سيكون حافزاً للآلاف من السياح العرب للاستمتاع بتراثنا الأدبي بلغتهم الأم. وأهم ما يميز هذه الاحتفالية أنها تتخطى الحواجز اللغوية والثقافية».