بعد 30 عاماً وتعاقب جيل كامل على المنطقة، ظل مجلس التعاون الخليجي منذ تأسيسه مجلساً تنسيقاً يوحد المواقف الخليجية من دون أن يحدث تغييراً جذرياً في حياة المواطن الخليجي، ليمس واقعه وحاجاته، إلا أنه أوجد نوعاً من تعزيز الانتماء للهوية الخليجية في الجانب الاجتماعي، ظهر في أكثر من موقف، إذ أثبت «الوحدة الخليجية» أنها فرضت نفسها كطوق نجاة، كما حدث أخيراً في أحداث البحرين. ويعزو البعض سبب هذا الاتفاق على الوحدة الخليجية على المستوى الشعبي هو راجع إلى التشابه الثقافية والتقارب الجغرافي والتاريخ الواحد، إضافة إلى حتمية التوحد لصد كل الدعوات التي تهدد المنطقة سواء أكانت تهديدات ثقافة أو اقتصادية، أو تهديدات سياسية من قوى إقليمية أو انقسامات داخلية. وعلى رغم الترحيب الرسمي والشعبي بالاقتراح إلا أن هناك اتفاقاً على أن الطريق لن يكون مفروشاً بالورود لكل الدول الست التي هي مطالبة بتقديم تنازلات أكثر لتتناغم مع هذا الاقتراح، ومنها دفع عملية المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار السياسي إلى الأمام. ويعلق الدكتور محمد الهرفي على اقتراح الملك واصفاً إياه «بالاقتراح الجيد». معتبراً إياها جاءت بعد 30 سنة «لنجد شيئاً حقيقاً وملموساً، بدلاً من الوعود والاقتراحات التي لم يتحقق منها شيء». واعتبر أن ردود الفعل «تبشر بالخير، على الصعيد السياسي والشعبي، بسبب الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة وضبابية المستقبل، والربيع العربي الذي لم تكن المنطقة ببعيدة عن أجوائه، كذلك تلمس الجميع الحاجة للاتحاد بمعناه العملي في ظل وجود النوايا الصادقة لتوفير حياة كريمة للمواطن الخليجي». وأكد أن ضرورة الاتحاد ستزيد من قوة دول الخليج، «سواء ضد إيران وأطماعها في المنطقة، أو أيضاً التهديدات الإسرائيلية المعلنة أو الخفية»، مضيفاً: «دول مجلس التعاون الخليجي تصنف سياسياً أنها دول صغيرة باستثناء السعودية، وهذا الاتحاد سيوفر لها أمناً قومياً». وعن توقعه عن ماهية هذا الاتحاد، قال: «لم يتم إعلان شيء حتى الآن، ولكن الأفضل والأقرب إلى التركيبة الخليجية، هو أن يكون هناك اتحاد مقارب لشكل اتحاد الإمارات، بحيث يكون هناك حاكم واحد، ووزارة داخلية وخارجية واحدة لجميع الدول، مع وجود حكم فيديرالي لكل دولة، إضافة إلى إلغاء الجمارك والسماح للخليجي بالعمل في جميع الدول بصفته مواطناً لهم جميع المميزات». من جهته، اعتبر الدكتور توفيق القصير الدعوة «استشعاراً بالأخطار المحدقة في المنطقة من خلال المتغيرات والأزمات العالمية والإقليمية، والاضطلاع بجد وفاعلية في مساعدة الأشقاء العرب في كل مكان بما يخدم آمال الشعوب، وحقن الدماء». ووصفها ب«أكثر الدعوات وضوحاً لأهمية الوحدة، وتجاوز أساليب التعاون وأطره إلى مؤسسات موحدة، تشمل في اعتقادي مؤسسات الدفاع، والخارجية، والاقتصاد، والعملة، وصهر الكيانات الشعبية بحيث يتحقق تطلع شعوب المنطقة، في كيان واحد قوي ومترابط، قابل للصمود والعمل والتحرك في بيئة إقليمية وعالمية سريعة التغيير، كثيرة التحديات، لايصمد فيها إلا الكيانات القوية الفاعلة القادرة. وهذه كلمة صادقة من قائد صادق سيخلدها التاريخ».