قال خبراء استراتيجيون وسياسيون مصريون: إن مواجهة التحديات الدولية والأطماع الإقليمية تحتم على دول مجلس التعاون الإسراع بالاتحاد الخليجي، مؤكدين أن إقامة اتحاد خليجي يوحد السياسات الخارجية والدفاعية والأمنية لدول التعاون، واصفين هذه الخطوة بالتاريخية، وقالوا: «إن تجربة دول الاتحاد الأوروبي لاقت نجاحًا كبيرًا رغم وجود تباين ليس فقط في حجم الدول، ولكن أيضًا اختلافات ثقافية واجتماعية أكبر بكثير من دول الخليج التي تجمعها عدة عوامل وثوابت مشتركة، من بينها اللغة والدين والثقافة، بالإضافة إلى روابط القرابة والصلات الاجتماعية قلّ أن تتوفر في غيرها من التجمعات الإقليمية»، مشددين على أن الاتحاد الخليجي ظل مطلبًا شعبيًا من أغلبية الخليجيين طوال ثلاث عقود مضت. وذكر الدكتور جمال مظلوم مدير مركز دراسات الخليج بالقاهرة بكلمة نادى بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز فى افتتاح الدورة الثانية والثلاثين للمجلس في الرياض يوم 19 ديسمبر الماضي عندما قال جملته المشهورة: «لقد علمنا التاريخ وعلمتنا التجارب أن لا نقف عند واقعنا ونقول اكتفينا، ومن يفعل ذلك فسيجد نفسه إلى آخر القافلة ويواجه الضياع وحقيقة الضعف، وهذا أمر لا نقبله جميعًا لأوطاننا وأهلنا واستقرارنا، لذلك أطلب منكم اليوم أن نتجاوز مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد في كيان واحد يحقق الخير ويدفع الشر إن شاء الله»، مشيرًا إلى أن قادة دول مجلس التعاون رحبوا بهذا الاقتراح، لأنه سيؤدى إلى تنسيق السياسات الخارجية والأمنية والاقتصادية في مواجهة نوايا الأطماع الخارجية، معتبرًا أن مرحلة الاتحاد بين دول المجلس تأخرت، فهي تمتلك رصيد ثلاثة عقود من التعاون، مؤكدًا أنه آن الأوان للمجلس أن ينتقل إلى مرحلة متقدمة، ثم إن فكرة الاتحاد الخليجي مطروحة شعبيًا، فهناك منظمات أقامت أكثر من مؤتمر تبنى فكرة الاتحاد في عدد من دوله. وأضاف مظلوم «إن الاتحاد مطلب الشعوب الخليجية التى ترى أن حشد قوى دول مجلس التعاون ضروري ليس فقط لصد أية اعتداءات، لكن بسبب تغير مواقف بعض القوى الإقليمية تجاه دول الخليج العربية». واقترح مظلوم أن يطرح الاتحاد الخليجي في استفتاء شعبي مبررًا ذلك بأن الأنظمة الخليجية مهما كانت قريبة ومتواصلة إلا أنه قد يكون هناك تعارض في بعض العادات والتقاليد الخاصة بكل دولة، وتوقع نجاح الاتحاد خصوصًا أن الرؤية واضحة منذ إنشاء مجلس التعاون الذي نجح بالتصدي لكثير من المعوقات والتحديات خلال مسيرته، داعيًا إلى تحقيق التكامل في جميع المجالات بدءًا بالدفاع والأمن باعتبارهما من الأمور الجوهرية، ومرورًا بالمجالات الاقتصادية والتفكير في توحيد المناهج الدراسية وتوحيد استراتيجيات التوظيف لعلاج اختناقات البطالة في دول الخليج، ودعا مظلوم الشعوب الخليجية إلى أن تتفاعل مع الطرح الموحد للقادة الحريصين على تحقيق الوحدة التي توقع أن تتحقق قريبًا، وأضاف: إن الاتحاد الكونفدر إلي حلم شعب الخليج وحاجة لدوله، ويتمنى يتحقق في هذا التوقيت المهم والحساس. من جانبه، قال الخبير الاقتصادي الدكتور حمدي عبدالعظيم ورئيس أكاديمية السادات للعلوم الادارية الأسبق: «إن حلم التحول من مرحلة «التعاون» إلى مرحلة «الاتحاد» بين دول الخليج بات قريبًا جدًا أن يصبح واقعًا، وهو الأمر الذي يعني أن الاقتصاد الخليجي مقبل على مزيد من القوة المتناغمة التى تجعله قادرًا على منافسة الاقتصاديات العالمية الأخرى، وأضاف: «إن التحول إلى» الاتحاد» من شأنه أن يمنح مسيرة العمل الخليجي زخمًا أكبر، ويعطي دوله ثقلاً أكبر، ويرى أن إطلاق العملة الخليجية الموحدة لدول المجلس عقب التحول من مرحلة «التعاون» إلى مرحلة «الاتحاد»، سيزيد من قوة واستقرار الاقتصاد الخليجي، مما يسهم في الوقت ذاته بزيادة القوة التفاوضية التجارية مع بقية دول العالم.وتابع حمدي «إن الخليجيين يتطلعون إلى الاستفادة اقتصاديًا من مشروع تحول دول المجلس من مرحلة «التعاون» إلى مرحلة «الاتحاد»، موضحًا أن أبرز الملفات التي يتطلع إليها مواطنو دول الخليج هو إطلاق عملة خليجية موحدة، مطالبًا الإسراع بحسم هذا الملف في أقرب وقت ممكن، لأنه سيعزز نمو اقتصاد دول الخليج بشكل أكبر مما هي عليه الآن، وأضاف: إن الاتحاد سيتمتع بميزة فريدة هى التعاون من خلال عمل مؤسسي يرتقي بمسيرة العمل المشترك بما يكفل تحقيق أهداف الاتحاد في مختلف المجالات، دون الإخلال بالأسس والثوابت أوالمساس بالخصوصية الوطنية لكل دولة ومظاهر سيادتها واستقلالها كما يحلو للبعض أن الاتحاد يعنى التدخل في شؤون الدولة الأخرى. من جهته، أضاف السفير أحمد أبو الخير مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق: إن اتحاد دول الخليج خطوة كبيرة نحو الإرادة الجماعية لدوله، والسرعة في التحرك لمواجهة المستجدات وتحقيق الأمن، وقال «أهم المكاسب التي ستحققها حالة الاتحاد هي تحقيق الأمن الجماعي لدول المجلس عبر فرض احترام مصالحها عند صياغة أي ترتيبات أمنية جديدة في المنطقة، كما أنه يشكل الضمانة الرئيسة لأمن دول الخليج العربية كبديل عن السياسات الدفاعية المرتكزة على التحالفات الثنائية أو الوقتية المبنية على مصالح عابرة إذ تظل تلك التحالفات مرتبطة بهذه المصالح التي بطبيعتها متغيرة، وفي المجال الاقتصادي فإن الاتحاد سيجعل من دول الخليج العربية كتلة اقتصادية قوية، بما يحقق رفاه لشعوبها ويقوي مكانتها الاقتصادية الدولية.