أجرت «وكالة فرانس برس» حواراً مع الناقد والباحث الإماراتي علي بن تميم مدير مشروع «كلمة» التابع لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث. والحوار الذي دار حول قضايا الكتاب والترجمة ذو طابع سجالي ويفتح الباب أمام نقاش جدي لا بد من إثارته اليوم. واستهل بن تميم حواره قائلاً إنّ :»السياسة والأفكار تشكل عائقاً كبيراً أمام توزيع الكتاب في العالم العربي سواء كان إبداعاً محلياً أو مترجماً عن لغات أجنبية». ورأى أن «العرب ينظرون إلى الكتاب بريبة. فنحن نواجه تحديات جمة على صعيد توزيعه، وأتمنى أن يخرج السياسيون العرب من جمودهم وأن يفتحوا المجال أمام حركة النشر والتوزيع والترجمة». وأضاف: «نحن في مشروع «كلمة» المخصص للترجمة لم نصل للأسباب التي تعود إلى مثل هذا الجمود السياسي والنظرة القائلة إنه علينا ترجمة الكتب التي لا تتعارض مع تقاليدنا وعاداتنا، الأمر الذي يناقض هدف الترجمة وهو التعرف على الآخر المغاير. وهذا هو الهدف من تأسيس مشروع كلمة». وأوضح أن «هناك أيضاً أسباباً أخرى، من بينها العجز عن تشكيل شركة توزيع عربية قادرة على توصيل الكتاب إلى القارئ العربي بسرعة وبسعر جيد، على الرغم من المحاولات المتعددة ومن بينها محاولة مع ناشرين عرب لتشكيل شركة توزيع مساهمة. وطرح الموضوع قبل ثلاث سنوات وما زال البحث فيه قائماً». ويرى أن «القارئ العربي لدينا هو نفسه أيضاً. ولا تتوافر الدراسات حول توجهاته وسبب تجاهله الكتاب ولجوئه إلى التلفزيون. وإذا ما كان قارئاً ملتزماً، ما من دراسات تشير إلى الكتب التي يميل إليها والنوع الذي يشغل اهتماماته من كتب أدبية وعلمية وفلسفية وغيرها من الإبداعات الإنسانية». وأكد بن تميم أن «الروح الإبداعية جفت لدى العرب. فهناك 400 مليون عربي لا يجدون ذواتهم الحقيقية لتطوير طاقاتهم البحثية والإبداعية. ونحن حتى الآن ما زلنا نتداول مجموعة من الشعراء والروائيين الذين لم نتجاوزهم، في حين أنه لو استطعنا إنجاز قضايا التوزيع فإن من شأن ذلك حتماً أن يحرك الإبداع ويشجع المبدعين على زيادة إبداعاتهم». وأبدى بن تميم انزعاجه من «عدم وجود شفافية لدى الناشر العربي في تقديم إحصائياته لمعرفة الحجم الحقيقي للقراءة في العالم العربي، وذلك التفافاً من بعضهم على حقوق المؤلف. فهو يطبع ثلاثة آلاف نسخة لكنه لا يقدم أي مؤشر في ما يتعلق بطبعات أخرى. وهذا يستلزم إعادة التأكيد على حقوق المؤلف إلى جانب شفافية الناشر الذي يعتدي على هذه الحقوق». واعتبر أن «كل هذه العوائق تقف حاجزاً أمام تحقيق مشروعات الترجمة الكبرى التي تعتمد على نفسها بتمويل نفسها. فنحن في مشروع كلمة لم نصل حتى الآن إلى تحقيق 20 في المئة من طموحاتنا من حيث التمويل الذاتي وإيصال ما نقوم بإنجاره إلى القارئ العربي على نطاق واسع». وعن مشروع «كلمة» المتخصص في نشر الكتب المترجمة عن اللغات العالمية وعلاقته بمراكز عربية أخرى تحمل التوجهات نفسها، قال :»لا مانع لدينا من التنسيق مع كل المراكز العربية، إلا أن مثل هذا التنسيق ما زال غير قائم. وهنا تجدر الملاحظة إلى أن كل واحد من هذه المشاريع الكبيرة اتجه إلى تخصص يهمه اكثر». وشرح: «على سبيل المثل، المركز القومي للترجمة في مصر يركز كثيراً على ما بعد الحداثة ودراسات ما بعد الاستعمار في النقد والفلسفة والأدب، في حين نميل نحن إلى نوع يأخذ مجالات مختلفة تتراوح بين ما قبل الحداثة وما بعدها. هنا قد يسجل اختلاف في التوجهات التي تعتمد على ذائقة القيمين على قيادة هذه المشاريع». وأشار إلى أن «هذا التنوع في الرؤية يجعل إمكان التضارب بين المشروعات العربية للترجمة غير وارد، خصوصاً وأنها كلها تحترم حقوق المؤلف وهذا ما يلغي إمكان التعارض. بالطبع نأسف لبعض المشاريع التي لم تستكمل في بعض الدول العربية، فواحدة من مشاكل الترجمة هي المحافظة على استدامة المشروع».