في مئويته نستذكر رواياته التي تحققت مسلسلات على الشاشة الصغيرة. إنه مؤسس الرواية العربية وعميدها نجيب محفوظ، وهو من استفادت الشاشة الصغيرة بعد السينما من أدبه، وبالذات من تلك المساحات الكبرى التي أفردها في رواياته للحياة الشعبية ولرصد تطوراتها. هو كاتب الطبقة الوسطى، وبهذا الامتياز بالذات أمكن الدراما التلفزيونية أن تستثمر عوالم رواياته وأبطالها على نحو يستقطب نسب مشاهدات كثيفة، خصوصاً أن نجيب محفوظ اعتمد في أدبه الروائي على انتباهات ذكية لسلوك الشخصيات ودوافعها، واحتفظ لها دائماً بمبرّراتها الموضوعية بعيداً من حدّة اللونين الأبيض والأسود، أو الخير المطلق والشر المطلق. روايات نجيب محفوظ ومهما كان عدد المرات التي قدّمت فيها على الشاشتين، الكبيرة والصغيرة، تظل مع ذلك تحتاج في رأينا الى إعادة إنتاج، لسبب مهم هو أن أغلب ما تم تحقيقه بخاصة للشاشة الصغيرة منها، قد تحقق في زمن الإنتاج السريع، المتقشف بالمقارنة مع حجم الإنتاج الراهن ونوعيته. نضيف الى ذلك أن روايات نجيب محفوظ الأهم تحتفظ بقدرتها على أن تكون مساحة درامية كافية لنمط «الإنتاج الرمضاني»، نعني هنا أنها لا تحتاج الى الزوائد والإطالات، فأحداثها الثرية والغزيرة تمتلك جدارة التعبيرية الدرامية وقوتها في صورة بالغة الجاذبية والتشويق. نقول هذا ونتذكر بالذات «الثلاثية»، روايته الأهم والتي لا تزال رواية الأجيال والحقب الزمانية التي تقدم سرديات تشريحية لعلاقات اجتماعية وسياسية عاشتها مصر وأثرت في رسم مصيرها وتكوينها الى اليوم. ثمة حاجة كبرى اليوم لأدب نجيب محفوظ في الدراما التلفزيونية، وهذه الحاجة تتعاظم حين يمكن إنتاجها ان يتم في صورة إنتاج كبير يعطيها ما تستحقه، ويوظف لها قدرات وإمكانات فنية راقية. نجيب محفوظ مؤسس الرواية العربية وعميدها وكاتبها الأهم يستحق في مئويته أن يعود الى الشاشة الصغيرة من نافذة الدراما بجدارة واستحقاق ليكون حاضراً في سهرات رمضان التلفزيونية التي تعاني في اغلب الأحيان فقر النصوص وترهّل الموضوعات التي يعدُّها – غالبا ً– غير المتخصصين، وفي أكثر الأحيان في عجالات تستهدف اللحاق بموعد رمضان أكثر من صدورها عن أناة أو إبداع متمهل يوفيها حقها وما تستحقه من أجل النجاح. هي في نهاية الأمر، دعوة لرؤية الكاتب الغائب الحاضر.