لم يكن موعد الاحتفال بيوم المعوق العالمي رغم تأخره عن التاريخ الرسمي له الذي يصادف الثالث من كانون الأول (ديسمبر) بتسعة أيام نمطياً بالنسبة إلى ذوي الاحتياجات الخاصة من الإناث في مركز التأهيل الشامل في محافظة الخرج، من خلال إعدادهن للفقرات بمساعدة الكادر التأهيلي وعرضهن إنجازات أناملهن على خشبة المسرح، وتقديم بعض منهن قصص نجاحهن، وحقيقة تغلبهن على إعاقتهن. بحر وقمر وقارب يحمل بين ثناياه ملامح إنسان يصر على الوصول إلى الشاطئ رغم ارتفاع الأمواج، معالم لوحة صممتها إحدى النزيلات الرسامة التشكيلية موضي العنزي التي تعاني من تخلف عقلي متوسط، بل إن عزيمتها وتفاؤلها لم يمنعها من عكس ذلك على لوحتها التي أضاءت بها أشعة الشمس كل ظلام دامس، أما رفيقتها عمشة التي تعاني من الإعاقة نفسها، فلعبت ابتسامتها ومرحها ومختلف أعمالها المجسمة، دوراً كبيراً في تفاعل الضيوف معها، وكذلك تأليف وإلقاء الشاعرة الصغيرة طالبة الابتدائية ال18 منيرة القحطاني التي تعاني من الإعاقة البصرية، ورفيقتها العنود السعدون ثلة من القصائد، وطموحها بأن تتفوق على شاعر المليون مستقبلاً من جهة، ومنافسة زميلتها الأديبة ريناد لها التي لم تتأخر في البوح بكل ما يجول في خاطرها وصياغته عبر جهاز برايل للمكفوفين. وبادرت خريجة التربية الخاصة التي تعاني من إعاقة بصرية أسماء الحمير الإمساك بزمام الميكروفون والإفصاح عن قصة كفاح وإصرار استطاعت على إثرها التغلب على جل مصاعبها «لم يكن الطريق ممهداً، وإصابتي بهذه الإعاقة، فرضت علي العيش بعيداً عن أحضان أسرتي، لأنتقل بعد بلوغي سبعة أعوام إلى الرياض والاستقرار في معهد النور للمكفوفين لألتحق بعدها بالجامعة التي لم يكترث القائمون عليها تهيئة مناهج للمكفوفات بطريقة برايل، فضلاً عن تسجيلها أو الاعتماد على مرافقة تقوم بهذه المهمة. وأوضحت الاختصاصية النفسية في مركز التأهيل الشامل في محافظة الخرج فداء الجهني أن معظم الإعاقات تتفاوت ما بين تخلف عقلي شديد وآخر متوسط نتيجة الزواج من الأقارب، «ونعمد إلى إخضاعهن إلى جلسات نفسية وبرامج متنوعة يتم على إثرها تفريغ انفعالاتهن أياً كان عن طريق الرسم والتلوين والألعاب الحركية، وعن طريق العلاج بالعمل، الذي لعب دوراً كبيراً في تحسين وضعهن والخروج بهن من حالة الرهاب الاجتماعي». وأضافت أن هناك حالات بحاجة إلى علاج ومتابعة مستمرة، وأخرى لا تتجاوز متابعتها كل أسبوعين، إذ إن معظمها تحتاج إلى علاج دوائي، وتعديل سلوكي، كما أن حالات أخرى لديها خلل في جانب معين وقصور في الإدراك يدفعها التصرف كالأطفال. وتابعت: «معوقة فكرياً أفصحت لي أن أسرتها كانت تسعى إلى مواراتها بعيداً عن أعين الضيوف حرجاً منهم وأخرى لم تجد حلاً آخر للتعبير عن حزنها نظير عدم اكتراث أسرتها بزيارتها في الأعياد والمناسبات على الأقل، بالتكسير والضرب والإضراب عن الطعام، وثالثة لم تتأخر في الدعاء على والديها بصوت عال نظير استغنائهم عنها على حد قولها»، مطالبةً أولياء الأمور باحتواء أبنائهم المعوقين، وإدراك أن المعوق ليس له ذنب في ذلك. وأكدت مديرة مركز التأهيل الشامل سارة العسكر أن افتتاح حضانة لذوي الاحتياجات الخاصة ومركز رعاية نهارية، خطط نسعى إلى تنفيذها في المستقبل القريب، مشيرةً إلى افتتاح المركز بإدارة نسائية مستقلة قبل ستة أشهر فقط، ويبلغ عدد الحالات 50 معوقة، والطاقة الاستيعابية له تصل إلى 200 سرير. وأضافت أن المركز يوفر جميع الأجهزة الأدوات التي تحتاجها المعوقة أياً كانت مقيمة أم خارجه، مشددةً على أن قسم العلاج الطبيعي هو الركيزة الأساسية في المركز، إضافة إلى الدور الذي تؤديه اختصاصيات العلاج الطبيعي، لافتةً إلى أن هناك أربع فترات للعمل بالتناوب، وتوافر باحثات اجتماعيات لا يتأخرن في الحضور أيام الإجازات والفترة المسائية. وانتقدت بعض الأسر التي لا تأبه لزيارة بناتها المعوقات، وعدم وعيهن بمدى الحزن الذي يعتريهن نظير قطع زيارتهن لهن، خصوصاً في المناسبات والأعياد، ما يعرضهن إلى حالة غضب، وهيجان، واكتئاب، داعيةً القطاع الحكومي والخاص إلى الشعور بالمسؤولية الاجتماعية تجاه هذه الفئة، والسعي للتواصل وإثراء بعض من البرامج لهن.