أفادت دراسة أصدرتها «أليكس بارتنرز» العالمية للخدمات الاستشارية، بأن مستوى العرض للكثير من المنتجات البتروكيماوية في المنطقة سيفوق مستوى الطلب خلال الأعوام المقبلة، ما سيؤدي إلى انخفاض معدلات استخدام هذه المنتجات وتراجع هوامش ربحية الشركات الأقل قوة، على رغم أن شركات الكيماويات في الشرق الأوسط تتمتع بميزة وفرة المواد الخام. ويُعزى ذلك إلى الارتفاع الهائل الذي يتوقع أن تشهده قدرة إنتاج الكيماويات في دول مجلس التعاون الخليجي خلال الأعوام ال3 إلى 5 المقبلة. ويتركز في منطقة الخليج نحو 50 في المئة من القدرات الإنتاجية الجديدة للكيماويات القائمة على الإيثيلين، وسيصدر جزء كبير منها إلى الأسواق الآسيوية السريعة النمو، ما يترك قطاع الكيماويات الخليجي عرضةً للتأثر سلباً بأي تباطؤ قد تشهده تلك الأسواق، كما أن من المحتمل أن يتراجع استخدام البوليسترين إلى 50 في المئة من معدل الطلب الحالي، في حين سيهبط معدل استخدام البوليفينيل كلوريد من 80 في المئة إلى 60 في المئة. وقال مدير «أليكس بارتنرز» ومعدّ الدراسة يورغ فابري: «يتسم قطاع الكيماويات بتنافسيته العالية وحساسيته للأسعار. لذا، سيكون على شركات الكيماويات الإقليمية تعزيز كفاءتها التشغيلية، لا سيما مع احتمال تعرّض الاقتصاد العالمي لمزيد من الهبوط». وتابع: «يمكن الكثير من شركات الكيماويات في الخليج بذل مزيد من الجهود لتحقيق الامتياز في التكامل بالاعتماد على عمليات الاستحواذ والنمو العضوي، ونحن نعتقد أن مستوى الإدارة وكفاءة التشغيل هما العاملان اللذان سيفصلان بين الرابحين والخاسرين». وتشير الدراسة إلى أن الانتشار السائد لغاز الطين الصفحي يصبّ في شكل بنيوي في مصلحة مشتقات الغاز، حيث إن الكيماويات القائمة على الميثانول والهيدروكربونيات العليا المركّبة التي تنتج بطريقة «فيشر - تروبش»، تحقق انتشاراً أوسع مما يحققه الكثير من مشتقات النفط الخام والنافتا. ويساعد هذا الأمر في استعادة المستوى التنافسي إزاء قطاع النفط والغاز في الولاياتالمتحدة، وقد يؤدي إلى إحداث تغييرات في توجهات الزبائن. وتوقعت أن يؤثر ذلك أيضاً في طلب المشتقات التقليدية، مثل الأولفينات العليا، التي تستخدم كأساس لخافضات التوتّر السطحي أو أنواع الوقود المركّب الذي تنتجه شركات الكيماويات في الشرق الأوسط. وأضاف فابري: «قد يكون التركيز على الصناعات التحويلية مفيداً للكثير من شركات الكيماويات الخليجية، لكن ذلك يتوقف على تحقيق عدد من الشروط، إذ تشمل مقومات نجاح المنتجات الكيماوية على عوامل عدة، مثل توافر الطاقم الإنتاجي ومهندسي المبيعات الذين يتمتعون بكفاءة عالية ووجود قاعدة التطوير والأبحاث والتكنولوجيا المتقدمة، فضلاً عن التفاعل والتعاون المستمرين مع قطاعات الزبائن». انتاج الإيثان ونقلت الدراسة أرقام مصرف «دويتشه بنك» الألماني، التي تشير إلى أن شركات الكيماويات في الشرق الأوسط تنتج الإيثان بتكلفة تقل عن نظيراتها في أوروبا أو آسيا بنسبة 90 في المئة، وتنتج الغاز النفطي المسال بتكلفة أقل بنسبة 35 في المئة أيضاً، لكن هذه النسبة تقف عند 10 إلى 15 في المئة بالنسبة لإنتاج النافتا بسبب عملية النقل والخدمات اللوجيستية، ما يعني أن ديناميكيات السوق المتغيّرة ستفرض ضغوطاً تنافسية جديدة على منتجي الكيماويات الإقليميين. وتقترح الدراسة على شركات الكيماويات في منطقة الخليج «برنامجاً متكاملاً لتعزيز القيمة، يتضمن تحديد خيارات النمو الاستراتيجي وتقويمها، وفهم التوجهات في الأسواق الثانية والثالثة للقطاعات التي تشتري المنتجات الكيماوية، ورسم منهجيات رائدة لتطوير المشاريع، وتحسين الأداء عبر استثمار الإمكانات المتاحة، ووضع إجراءات من شأنها أن تفضي إلى تحقيق الامتياز التشغيلي». ونصحت الدراسة الشركات الكيماوية الخليجية بالسعي إلى خفض تكاليف المبيعات والإدارة والتكاليف العامة في شكل كبير، إذ اكتشفت «أليكس بارتنرز» وجود خلل كبير في أداء الشركات على هذا الصعيد مقارنة بمجموعات مختلفة من نظرائها العالميين، لكن توقعت للنجاح في أداء هذه التحسينات بأن يفضي إلى وفورات في الربح الصافي قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك تراوح بين 100 و200 مليون يورو.