دخلت حملة التوعية من مرض نقص المناعة المكتسبة «الايدز»، حيزاً جديداً في الجزائر هذا العام، اذ دُعيت النساء الحوامل إلى إجراء الفحص الخاص بالكشف عن المرض، في ظلّ تشديد الأطباء الجزائريين على أهمية إجرائه قبل الحمل كي يتسنى للحوامل المصابات بالمرض الافادة من المتابعة الطبية اللازمة، وبالتالي تفادي انتقال العدوى للجنين. ويفتخر رئيس مصلحة الأمراض المعدية بالمستشفى الجامعي لقسنطينة، الدكتور عبد النور، بإنجازه الهدف المرجو، وهو تسجيل «صفر عدوى» لدى المواليد الجدد، بفضل المتابعة الطبية الدقيقة للنساء الحوامل من مرضى الإيدز. وتنشط جمعية «إيدز الجزائر» في إطار تعميم هذا الهدف وتحويله إلى «صفر عدوى جديدة بالإيدز في الجزائر»، وقد باشرت عملها من ولاية سيدي بلعباس غرب البلاد. وركزت الحملة على طرق مكافحة انتشار الإيدز في الأوساط الشبابية بصفة خاصة من خلال ورش عمل وتدريب لفائدة قادة الجمعيات المحلية، موّلها صندوق الأممالمتحدة، بدعم من برنامج الأممالمتحدة المشترك وذلك في إطار التعاون بين الجزائر والهيئة الأممية. وتهدف الحملة إلى دعم الوقاية من فيروس نقص المناعة المكتسبة بين الأشخاص المعرضين للخطر، مع تمكين الجمهور المستهدف من الوصول إلى المعلومات التي يجب أن يعرفها حول المرض. أما الهدف الرئيسي للحملة، فهو القضاء على عدوى الأمراض المنتقلة جنسياً، بخاصة الإيدز، من خلال تعزيز الوقاية وإشراك الحركة الجمعوية والمجتمع بأكمله في مكافحة الأمراض المنتقلة جنسياً وخاصة الإيدز. وتنشط جمعية «ايدز الجزائر» على مدار السنة وعبر مختلف الولاياتالجزائرية لشرح خطورة هذا الداء، وطرق انتشاره السهلة التي قد لا يعيرها الكثيرون اهتماماً، إذ أظهرت المتابعة الميدانية أن عدداً كبيراً من المواطنين يجهلون الطرق غير الجنسية للعدوى. وتستهدف الجمعية بحملاتها المدارس ودور الشباب والمساجد في إطار تطبيق المخطط الوطني لمكافحة الإيدز، الذي ترعاه وزارة الصحة والإستراتيجية الوطنية لمكافحة المرض الممتدة بين 2008-2012، بالتعاون مع صندوق الأممالمتحدة لمحاربة الإيدز، وتهدف إلى تحقيق «صفر عدوى جديدة، صفر وصمة عار وصفر وفاة بسبب الإيدز». وفي حين تقدر وزارة الصحة الجزائرية عدد حاملي فيروس نقص المناعة المكتسبة منذ 1985 إلى ايلول (سبتمبر2011) ب6115 شخصاً من بينهم 1983 من الشباب، يعتقد منسق برنامج الأممالمتحدة أن الرقم يفوق ذلك بكثير، إذ تم تسجيل حوالى 19 ألف إصابة من قبل فريق العمل الموكل الاحصاء، مشيراً إلى أن الآلاف يعيشون في ظل المرض بسبب عدم خضوعهم للتحاليل الطبية اللازمة. ويضيف ان عدد الإصابات في ارتفاع في الجزائر وشمال أفريقيا والشرق الأوسط ودول أوروبا الشرقية، بسبب عدم اعتماد هذه الدول استراتيجيات ناجعة لاحتواء المرض. ويواجه مرضى الإيدز في الجزائر مشاكل متعددة، من أهمها «العزلة» التي تحدث نتيجة تنكر المجتمع للمريض، بدءاً بابتعاد العائلة والأصدقاء عنه. ويقول أحمد وهو طالب في مرحلة التخرج بكلية العلوم البيطرية: «صديق مقرب لي أصيب بالإيدز إثر علاقة غير محسوبة، وبين ليلة وضحاها تحول هذا الشخص الذي كان أكثر أفراد مجموعته شهرة، إلى شخص منبوذ من أهله وأصدقائه». ويوضح أنه استمر بعلاقته به، بعد الاطلاع على الاحتياطات الواجب اخذها بالتعامل مع مصاب بالمرض. ويشجع بعضهم المصابين على عدم البوح به، بسبب رفض غالبية المجتمع له، وهو ما يدفع بهؤلاء إلى الخوف من الخضوع للتحاليل الطبية. ويقول إسماعيل، العامل في مؤسسة للتكنولوجيات الحديثة، إن المجتمع نفسه لا يسهل وسائل الحماية من المرض، خصوصاً بالنسبة للشباب، اذ «هنالك نفاق اجتماعي كبير، فمن جهة يرفض هذا المجتمع المرض ومن يصابون به، ومن جهة أخرى لا يتيح للمواطن فرص الوقاية منه وكأنه يرفض الاعتراف بوجود علاقات جنسية خارج الزواج، مع أن هذا الأمر موجود ويجب التعامل معه». ويضيف «نجد صعوبة في شراء الواقي من الصيدليات، إضافة إلى أن ثمنه لا يقدر عليه شاب عاطل من العمل، ونحن طبعاً بعيدون من آلات توزيع الواقي كما يحدث في أوروبا أو وضعه مجانا في متناول الطلبة». ولا يزال المجتمع الجزائري يرزح تحت وطأة الجهل في ما يخص طريقة انتقال الفيروس، وينبه الأطباء الجزائريون إلى أن طرق العدوى ليست جنسية فقط أو متعلقة بالمخدرات، كما يعتقد كثيرون وإنما قد تكون طبية كأدوات الحقن الملوثة أو استعمال وسائل تنظيف مشتركة كآلات الحلاقة، مؤكدين أن البعوض لا ينقل الفيروس وهي مخاوف شائعة حتى بين طلاب الطب الجدد بحسب استطلاع أجرته جمعية طبية جزائرية متخصصة.