لم يمنع الانشغال في البحث عن أسطوانات الغاز الشحيحة في غالبية المحافظات أهالي قرية كفر المصيلحة، مسقط رأس الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، من الاهتمام بالانتخابات البرلمانية الأولى بعد سقوطه التي تنطلق اليوم مرحلتها الثانية في تسع محافظات بينها المنوفية التي تتبعها القرية. ويُظهر كثيرون هنا حماسة بالغة للذهاب إلى صناديق الاقتراع اليوم وغداً، مع حرص على التخلص من إرث ربطها بمبارك الذي يبدو طمس مظاهر عهده واضحاً: صور الرئيس المخلوع وزوجته المنتشرة في كل أركان القرية مشوَّهة عن آخرها، ولافتة «شارع حسني مبارك» أزيلت، فيما انتشرت ملصقات بعبارة «امسك فلول» على لافتات المرشحين المحسوبين على الحزب الوطني المنحل الحاكم سابقاً. وكانت المنوفية (75 كلم شمال القاهرة) إحدى المحافظات التي كان يسيطر عليها الحزب الحاكم سابقاً، فدائرة الباجور القريبة من قرية كفر المصيلحة استأثر بمقعدها لعقود الرجل القوي في النظام السابق كمال الشاذلي، فيما كان أمين التنظيم في الحزب المنحل رجل الأعمال البارز أحمد عز القريب من جمال مبارك نجل الرئيس المخلوع يسيطر على مقعد قرية منوف. ويقول طارق الشيمي، وهو من مجموعة من سكان القرية سافروا في كانون الثاني (يناير) الماضي إلى القاهرة للانضمام إلى المتظاهرين ضد نظام مبارك في ميدان التحرير: «الناس هنا كانت تتوق إلى الحرية... أتوقع تصويتاً كثيفاً في المنوفية». وأضاف ل «الحياة» أن «كفر المصيلحة يرفض تماماً وجود الأحزاب التي خرجت من رحم الحزب الوطني... أطلقنا حملات واسعة الأسبوعين الماضيين لتوعية الناس بأعضاء الحزب المرشحين». وتتألف المنوفية من أربع دوائر للمقاعد الفردية ودائرتين لنظام القوائم. ويبلغ عدد من لهم حق التصويت فيها مليونين ومئتي ألف شخص. وتضم 2392 لجنة انتخابية. وتتنافس نحو 12 قائمة أبرزها «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، و «النور» السلفية، وتحالف «الكتلة المصرية» الليبرالي، و «الوفد»، و «الوسط»، فيما يخوض 203 مرشحين المنافسات على ثمانية مقاعد فردية. ولوحظ ارتفاع نسبة التأييد للتيار الإسلامي في القرية، إذ يأتي «الحرية والعدالة» في المقدمة يليه «النور»، فيما حل «الوفد» ثالثاً، ولا تحظى «الكتلة المصرية» بدعم واسع. وينعكس هذا أيضاً في انتشار اللافتات في الشوارع، فحزب «الحرية والعدالة» حاضر بقوة، وأعضاء «الإخوان» لا يتوقفون عن العمل، على رغم أن المنوفية ليست ضمن المناطق التي تسيطر عليها الجماعة تقليدياً. لكن على ما يظهر أن الجماعة تُولي قرية كفر المصيلحة التابعة لدائرة شبين الكوم أهمية كبيرة، لما لها من دلالات رمزية في حال حصدت مقاعدها.