نشرت صحيفة «الحياة» يوم السبت الماضي مأساة زوجة معلّقة حصل زوجها على تأييد القاضي بضرورة دفع 100 ألف ريال حتى تحصل على الطلاق. لا أعلم حتى اللحظة مقابل ماذا؟ إذا كان مهرها نفسه بلغ 60 ألف ريال فقط فكيف تدفع أو تفتدي نفسها ب40 ألف ريال ومقابل ماذا؟ هل مقابل صبرها على سنوات سجنه؟ هل مقابل طردها من منزل الزوجية إبان وجوده داخل السجن؟ هل مقابل أنها تزوجته مرغمة وهي قاصر في سن 14 سنة؟ هل مقابل تعليق تحت رحمة الزوج لمدة 10 سنوات بالتمام والكمال؟ مازلنا نرفض أن تفتدي الزوجة نفسها بالطلاق من زوج مدمن أو خائن أو مسجون أو عنيف أو بذيء اللسان أو مريض بالعقم أو بمرض معدٍ، خصوصاً لو كانت تزوجته وارتبطت به وهي لا تعلم عن مرضه أو ظروفه وتم خداعها. ونوافق جداً على إرجاع المهر فقط المسمى في العقد منطقياً لو كان الزوج لا يعيبه شيء، وهي لا تريده لغرض ما في نفسها، أو لأنها لم تشعر بالسعادة معه، خصوصاً وهو لا يقبح ولا يضرب ولا يهين ويؤدي حق الله المعروف فيها، فهو يوفّر لها السكن الشرعي الذي يتناسب مع مستواه المعيشي وما اطلع أهلها عليه، وهو يكسوها ويطعمها بما يستطيع توفيره لنفسه، في هذه الحالة فقط يحق للزوج استرجاع ما دفعه من مهر، أما في حالة الزوجة المتضررة فهو ظلم بيّن أن تفتدي امرأة المدمن المتضررة نفسها التي عانت معه في تعاطيه وإدمانه، يكفي تعرضها للخطر الجسيم في كل لحظة، وأرفض بشدة أن تفتدي زوجة المعنّف نفسها، فهي متضررة أولاً وأخيراً من عنفه وضربه وألفاظه وتهديده، تكفي لحظات الخوف والرعب التي تعيش فيها وبداخلها، يكفي خوفها من المجهول الذي قد يفاجئها في أي لحظة وهي لا تعرف كيف تهرب منه وأين، وبعض الأبواب مغلقة بل محكمة الإغلاق. هل قرأتم ما قالته الزوجة، إنها أخرجت أو أجبرت على الخروج من منزل الزوجية عن طريق أبناء زوجها؟ هل قرأتم أنها لم تحصل منه سوى على 400 ريال فقط؟ هل قرأتم أن زوجها المتزوج الذي يكبرها بأعوام طويلة يريد منها هي التعويض وضاعف مهره الذي ربما لم تتسلمه هي بيدها ولم تصرفه على نفسها ولم تخبئه ليوم أغبر مثل هذا، فهل المفترض أن تعوّضه هي أو يقوم هو بتعويضها هي على أيام الضياع الذي بدأ بإجبارها على الزواج من رجل يكبرها كثيراً لتكون زوجة أخرى تقبع في دكة الاحتياطي تفقد كل حقوقها الشرعية لمجرد أن زوجها لا يريدها؟ بأي حق يطلب منها القاضي دفع هذا المبلغ؟ هل نتحدث عن المحكمة التي طلبت منها رفع قضية واشترطت وجود المحرم (حتى لو كان هذا المحرم هو والدها نفسه الذي كان يردها لزوجها صاغرة في كل مرة حتى وهو يرى ابنته في مهب الريح من دون أدنى حقوق). ستظل مشكلاتنا الأسرية حاضرة، ولن تفلح كل التأكيدات التي نرفعها في كل مؤتمراتنا الداخلية والخارجية بأن المرأة في مجتمعنا محمية بشرع الله، وأنها ملكة متوّجة يسعى الجميع لخدمتها، أسألكم جميعاً الإسلام أجلّ المرأة واحترمها وترك لنا القوانين نضعها نحن بأنفسنا، مشكلتنا ليست في الجذور ولا في الدين العظيم، مشكلتنا في الفهم الخاطئ، مشكلتنا ليست بجهل المرأة بحقوقها الشرعية لأنها تعرفها ولا تستطيع الحصول عليها، مشكلتنا في النظرة إليها كأنثى تباع وتشترى تُزوّج وتطلق وتطرد ثم تطالب برد مهرها لزوج استحل جسدها به بأمر الله وعليه زيادة 40 ألف ريال! [email protected] Twitter | @s_almashhady