تبدأ غداً المرحلة الثانية من انتخابات مجلس الشعب (الغرفة الأولى في البرلمان) المصري، والتي تضم تسع محافظات جديدة، ويستمر الاقتراع فيها يومين. وتسعى السلطات إلى تلافي الأخطاء الإدارية والانتهاكات التي شهدتها المرحلة الأولى، خصوصاً عدم التزام القوى السياسية والمرشحين بفترة الصمت الانتخابي التي بدأت أمس، والتأخير في فتح بعض اللجان الانتخابية. واجتمع رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي ونائبه الفريق سامي عنان مع رئيس الوزراء الدكتور كمال الجنزوري وعدد من الوزراء وقيادات وزارة الداخلية لوضع الملامح النهائية لخطة تأمين الانتخابات. واستبقت اللجنة العليا للانتخابات بدء المرحلة الثانية بالتشديد على ضرورة الالتزام بالضوابط، خصوصاً فترة الصمت الانتخابي، وهددت بإحالة المخالفين على القضاء. وتجرى الانتخابات في محافظات الجيزة وبني سويف والمنوفية والشرقية والإسماعيلية والسويس والبحيرة وسوهاج وأسوان. وتضم المحافظات التسع أكثر من 18 مليون ناخب يقترعون في 20 ألفاً و19 لجنة فرعية. وتتضمن 15 دائرة بنظام القوائم لانتخاب 120 نائباً، و30 دائرة بالنظام الفردي لاختيار 60 نائباً. وكان التيار الإسلامي ممثلاً في حزبي «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، و «النور» السلفي، حصد غالبية مقاعد المرحلة الأولى، إذ فازت قوائم الأول ب 36 في المئة من الأصوات فيما حصدت قوائم الثاني 24.5 في المئة من الأصوات، ليضمنا العدد الأكبر من المقاعد المخصصة للقوائم في هذه المرحلة (112 مقعداً). وفاز «الحرية والعدالة» وحلفاؤه ب 36 مقعداً من ضمن 54 مقعداً أعلنت نتائجها ضمن المرحلة الأولى، فيما فاز «النور» بستة مقاعد. ومُني الليبراليون بخسارة كبيرة، إذ حصلت قوائم تحالف «الكتلة المصرية» الذي يضم أحزاب «المصريين الأحرار» و «المصري الديموقراطي الاجتماعي» و «التجمع»، على 16 في المئة من أصوات الناخبين، وفازت بمقعد واحد فقط من المقاعد الفردية. أما حزب «الوفد» فحلَّ رابعاً في ترتيب القوائم وحصل على مقعد واحد في المقاعد الفردية. وستمثل المرحلة الثانية من الانتخابات اختباراً جدياً للتنسيق بين بعض القوى المدنية الذي أُعلن في أعقاب نتائج المرحلة الأولى. وأعلنت قوى ليبرالية أنها تعتزم الوقوف خلف 51 مرشحاً فردياً في المرحلتين المقبلتين، لكن هذا التحالف الوليد بدا متعثراً بعد إعلان «تحالف الثورة مستمرة» الذي يضم قوى ثورية من اتجاهات مختلفة أنه ليس جزءاً منه. وفي حال تمكن التيار الليبرالي من اقتناص عدد كبير من مقاعد المرحلة الثانية عبر هذا التنسيق، فسيمنحه ذلك دفعة لتعزيز التحالفات بين أطيافه في المرحلة الثالثة والأخيرة، أما إن تحققت توقعات الإسلاميين بأن هذا التنسيق سيظل «حبراً على ورق» وخرج الليبراليون بخسارة فادحة في المرحلة الثانية التي تضم محافظات معروفة بقوة التيار الإسلامي فيها، خصوصاً الشرقية والبحيرة، فإن هذه الخسارة ستنسحب حتماً على المرحلة الثالثة التي تمثل «الفرصة الأخيرة» لليبراليين لتدارك خسارتهم. إلى ذلك، أكَّد المشير طنطاوي ضرورة تلافي الملاحظات والمصاعب التي ظهرت في المرحلة الأولى، لتحقيق أقصى درجات النزاهة والشفافية للعملية الانتخابية في المرحلة الثانية. وشدد على ضرورة تقديم الدعم اللازم لإنجاح الانتخابات، واحترام توقيتات بداية عمل اللجان. واستمع خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء وعدد من الوزراء ورئيس اللجنة العليا للانتخابات المستشار عبدالمعز إبراهيم وقيادات وزارة الداخلية، إلى تقرير من إبراهيم عن الإجراءات التي تم تنفيذها حتى الآن. وأكد رئيس اللجنة إبلاغ القضاة بأماكن اللجان المحددة لهم حتى يتعرف كل قاض إلى لجنته قبل موعد الانتخابات بوقت كافٍ. وأشار إلى تدبير أماكن مناسبة لإقامة القضاة وتدبير قضاة احتياطيين، والتسهيل على الناخبين في التعرف إلى أماكن التصويت داخل اللجان. وقال المجلس العسكري في بيان أمس إن نجاح الإجراءات المتخذة لتأمين عملية الانتخابات «ما كان لها أن تكون على هذا المستوى من دون وعي وتعاون شعب مصر»، مؤكداً «أهمية استمرار هذا التكامل بين الشعب وكل من القضاء والشرطة والقوات المسلحة، والحرص على إتمام هذه العملية الانتخابية من خلال التصدي لكل من يحاول العبث بأمن البلاد واستقرارها». وأكد «التزامه الكامل بنزاهة وشفافية الانتخابات وكذلك احترام نتائجها التي تعكس إرادة الشعب». في غضون ذلك، يعقد المجلس الاستشاري الذي عينه المجلس العسكري جلسته الثانية مساء اليوم في «مركز إعداد القادة» العسكري في حي العجوزة القاهري. وأفيد أن الاجتماع سيناقش قانون تنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة في حزيران (يونيو) المقبل، وكذلك إجراءات تشكيل الجمعية التأسيسية التي ستتولى إعداد الدستور، إضافة إلى «وقف المحاكمات العسكرية للمدنيين». وفي محاولة لطمأنة «الإخوان» الذين يرفضون المجلس الاستشاري ويعتبرونه «اعتداء على صلاحيات البرلمان المنتخب»، أكد المجلس العسكري في بيان أن دور المجلس الاستشاري هو إبداء الرأي والمشورة في ما يتعلق بالقضايا والأحداث المتعلقة بشؤون البلاد. وشدد على الالتزام باقتصار مهمة المجلس الاستشاري على ذلك الأمر، وأنه لا يعد بديلاً من مجلس الشعب أو أي جهة أخرى منتخبة وسينتهي دوره بانتخاب رئيس الجمهورية. وقال رئيس المجلس الاستشاري منصور حسن إن «الدستور الجديد سيحدد اختصاصات رئيس الجمهورية المقبل ومهامه وعلاقته بالسلطات، ونحن نضع مشروعاً لقانون انتخابات الرئاسة لمساعدة المجلس العسكري في اقتراح بعض القوانين». ولفت إلى أن «أعضاء المجلس لن يتطرقوا إلى وضع معايير لاختيار اللجنة التأسيسية للدستور، لكنهم سيقترحون مجرد إجراءات». على صعيد آخر، عقد رئيس الوزراء أمس أول اجتماع وزاري ضم سبعة وزراء متخصصين في الاقتصاد، إضافة إلى رجال أعمال. وأكد الجنزوري في نهاية الاجتماع أنه لا يمانع من وجود استثمارات إيرانية على الأراضي المصرية. وأكد أن «السوق المصرية مفتوحة للمستثمرين الإيرانيين»، فيما أعلن رئيس «الشركة المصرية - الإيرانية للتجارة» رجل الأعمال المصري السيد العقيلي عقب الاجتماع أن الشركة «ستستثمر خمسة بلايين دولار في السوق المصرية للمرة الأولى في مجالات الغاز الطبيعي وصناعة السيارات والمطاحن، وتم تخصيص مساحات في المناطق الصناعية لإقامة هذه المشاريع». وكان الجنزوري نقل نشاطه إلى مقر وزارة الاستثمار بعد أن حاصرت التظاهرات الفئوية مقر معهد التخطيط في ضاحية مدينة نصر الذي مارس فيه مهامه خلال الأيام الماضية، إذ يعتصم مئات المتظاهرين أمام مقر الحكومة القريب من ميدان التحرير لمنع الجنزوري من دخول المقر، وللمطالبة برحيله.