عقد المجلس الاستشاري الذي شكله المجلس العسكري في مصر أول اجتماعاته أمس في غياب جماعة «الإخوان المسلمين»، وانتخب أمس وزير الإعلام السابق منصور حسن رئيساً له، فيما اختار نقيب المحامين سامح عاشور ورئيس حزب «الوسط» أبو العلا ماضي نائبين، والقيادي في «الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي» الخبير الدستوري محمد نور فرحات أميناً عاماً. وأفيد أن المجلس الذي أثار جدلاً واسعاً في اليومين الماضيين لن يناقش وضع «مبادئ حاكمة للدستور» وإنما سيناقش «ضوابط» أو «معايير» اختيار الجمعية التأسيسية التي سينتخبها البرلمان المقبل لوضع الدستور الجديد للبلاد، «بحيث تضمن تمثيل كل طوائف المجتمع وألا يُستبعد منها أحد»، وهو ما رفضته جماعة «الإخوان» التي اعتبرت أن تناول موضوع اللجنة التأسيسية خارج البرلمان «لغم في طريق الديموقراطية». وعقب أول اجتماع للمجلس، خرج رئيسه في مؤتمر صحافي أعلن فيه أن المجلس سيناقش في الاجتماع المقبل قانوناً ينظم الانتخابات الرئاسية المقرر لها حزيران (يونيو) المقبل. وحسن (75 سنة) شغل منصب وزير الإعلام والثقافة وشؤون الرئاسة في أواخر عهد الرئيس الراحل أنور السادات، وهو شخصية توافقية، إذ طرح اسمه بعد تنحي الرئيس المخلوع حسني مبارك لرئاسة الحكومة. وعرف عنه التواري لسنوات عن وسائل الإعلام. وإذ سكت حسن في تصريحات للصحافيين عن الجدل الحاصل في شأن دور المجلس الاستشاري في وضع الدستور الجديد، أكد أن المجلس الاستشاري لن يتدخل في اختصاصات وأعمال البرلمان بغرفتيه (الشعب والشورى) وأنه لن يكون بديلاً أو مرادفاً أو موازياً للبرلمان أو لأي جهة أخرى. ونفى نائبه سامح عاشور أن تكون من مهمات أو صلاحيات المجلس مناقشة وضع الدستور أو اختيار اللجنة التأسيسية، مؤكداً أن تلك الأمور من صلاحيات البرلمان المقبل فقط بحسب الإعلان الدستوري. واعتبر أن «لغطاً حصل على الساحة السياسية بأن المجلس الاستشاري سيناقش اختيار اللجنة التأسيسية التي سيخوَّل لها وضع الدستور، وهذا غير صحيح». وقال ل «الحياة»: «سنناقش فقط ضوابط أو معايير اختيار تلك اللجنة، بحيث تكون ممثِّلة لكل طوائف المجتمع، على أن نقدِّم ما نتوصل إليه في شكل توصيات لصانعي القرار». لكن طرح عاشور لم يرض «الإخوان»، إذ رفضوا أي حديث عن اختيار اللجنة التأسيسية خارج إطار البرلمان. واعتبر نائب المرشد العام للجماعة الدكتور رشاد بيومي أن الحديث عن وضع ضوابط لتشكيل اللجنة التأسيسية لوضع الدستور «لغم في طريق الديموقراطية». وتساءل: «ما هي شرعيتهم لوضع ضوابط أو مناقشة أي شأن يتعلق بلجنة إعداد الدستور؟». وقال ل «الحياة» إن «هناك برلماناً منتخباً بإرادة الشعب، فمن يمثل هؤلاء (أعضاء المجلس الاستشاري) كي يفرضوا إرادتهم على نواب الشعب؟». وانتقد «وضع عراقيل في طريق انتقال السلطة عبر الطريق الديموقراطي بالحديث عن مبادئ الدستور، وضوابط اختيار لجنته التأسيسية كل فترة». وأضاف أن «هذه السياسية غير مجدية... لماذا يزرعون ألغاماً في طريق الديموقراطية، فالشعب احتكم للصندوق ولا سبيل غيره، ومسألة وضع الدستور الجديد واختيار أعضاء لجنته التأسيسية من صلاحيات البرلمان ولا جهة غيره». وأكد نائب المرشد العام للجماعة خيرت الشاطر «عدم أحقية أية جهة ما عدا البرلمان المنتخب في وضع التشريعات»، مشدداً على «عدم جواز إقرار قانون إجراءات تكوين الجمعية التأسيسية للدستور» في غياب البرلمان. وقال على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي: «لا يحق لأي جهة سوى البرلمان المنتخب أن تضع تشريعات يمتد أثرها لما بعد انعقاد هذا البرلمان الجديد». وأوضح أن «ما يسمى قانون إجراءات تكوين الجمعية التأسيسية للدستور نموذج لما لا يجوز إقراره في غياب برلمان منتخب، لامتداد أثره لما بعد انعقاد البرلمان». في غضون ذلك، حذَّر رئيس الحكومة كمال الجنزوري من أن الوضع الاقتصادي في مصر «يقترب من الكارثة». وأكد دعم حكومته لأجهزة الشرطة، لافتاً إلى أن «الأمن هو الركيزة الأساسية لدفع الاقتصاد». وأعلن اجتماعاً لمجلس الوزراء بكامل هيئته غداً، لكنه لم يوضح مكان انعقاد الاجتماع إذ لا يزال مئات المعتصمين الرافضين لتوليه الحكومة يحاصرون المقر الرئيسي لمجلس الوزراء في قلب العاصمة. وقال إن الوضع الاقتصادي «أخطر بكثير مما يتصوره أحد» وإن هناك حاجة للتقشف لكبح عجز الموازنة المتضخم. وأضاف في مؤتمر صحافي أن السنوات العشر الأخيرة في حكم مبارك شهدت كثيراً من العبث. وأشار إلى أن الحكومة لن توافق على قرض بقيمة 3.2 بليون دولار من صندوق النقد الدولي لحين إعداد الموازنة. وتابع: «إذا اضطررنا إلى أن نلجأ إلى الصندوق الدولي سنلجأ وهذا الأمر مطروح للنقاش». ورأى أنه «كي نرشد 20 بليون جنيه مصري لا بد من أن يكون هناك تقشف ولكن في قطاعات نشعر أنها لا تؤثر على المواطن. أريد خفض هذا (العجز) لأن بقاء العجز على ما هو عليه هو تضخم». وقال إن هناك حاجة لتحقيق مصادر جديدة للإيرادات وتخفيف العبء على المواطن، مضيفاً أن خدمة الديون تصل إلى ربع الموازنة السنوية. وعقد الجنزوري اجتماعاً هو الثالث خلال يومين مع وزير الداخلية محمد إبراهيم، كما زار مقر أكاديمية الشرطة، وشارك في لقاء مع عدد من الضباط أكد خلاله حرصه منذ اللحظة الأولى لتوليه المسؤولية على «لقاء رجال الشرطة، لأن الشعب المصري كان في حاجة ماسة إلى الأمن والاستقرار». وأكد «دعم الحكومة الكامل لأجهزة الشرطة وتوفير الإمكانات كافة التي تمكنها من أداء رسالتها»، مشدداً على «أهمية توفير الأمن للمواطن وإعادة الاستقرار للبلاد، باعتباره الركيزة الأساسية لدفع عجلة الإنتاج ودعم الاقتصاد القومي». وأكد وزير الداخلية «إصرار الشرطة وعزمها على تحقيق الأمن والاستقرار»، متعهداً «أن يشعر كل مواطن على أرض مصر بالأمن والاستقرار في أقرب وقت». وأوضح أنه «لا تهاون مع الخارجين على القانون الذين تسببوا في ترويع المواطنين». وأكد «أهمية العمل على دعم الأمن الاقتصادي وحماية القطاعات الاقتصادية، والعمل على استقرار الأسواق لما يترتب عليه من تشجيع لحركة الاستثمار وانتعاش الاقتصاد القومي». على صعيد آخر، قضت محكمة القضاء الإداري في مجلس الدولة بتمكين الناشط والمدوِّن علاء عبدالفتاح المحبوس احتياطياً على ذمة قضية «أحداث ماسبيرو» من الإدلاء بصوته في الانتخابات البرلمانية لمجلس الشعب في مرحلتها الثانية التي تبدأ الأربعاء. وقالت المحكمة إن «كل مصري ومصرية بلغ سن 18 سنة من حقه مباشرة رأيه في الانتخابات، وبخلاف الفئات المنصوص عليها في قانون مباشرة الحقوق السياسية، فإن الجميع مأمورون وفقاً للقانون بأداء واجب الانتخاب في أي انتخابات تُجريها الدولة، سواء وُجِدُوا داخل البلاد أو خارجها». وأكدت المحكمة أن «الحبس الاحتياطي وفقاً لقانون الإجراءات الجنائية لا ينقض أصل البراءة المفترض في الشخص المحبوس احتياطياً»، موضحة أن «الحبس الاحتياطي إجراء احترازي، شرع لمصلحة التحقيق الجنائي تمهيداً لاتخاذ القرار بعد انتهاء التحقيقات، إما بالإحالة للمحاكمة الجنائية أو بإخلاء سبيل المتهم لانتفاء موجبات الحبس الاحتياطي».