اتفق معلقون إسرائيليون في الشؤون العسكرية على أن قتل الفتى الفلسطيني محمد أبو خضير في شعفاط في القدسالمحتلة بعد اختطافه على يد ثلاثة يهود «أربك» حسابات سدنة الدولة العبرية المتخبطين أصلاً في اختيار «الرد المناسب» على قتل الإسرائيليين الثلاثة في الخليل، إذ أفقدت عملية قتل الفتى الفلسطيني إسرائيل «الشرعية الدولية» لرد عسكري واسع على حركة «حماس» المتهمة إسرائيلياً بالوقوف وراء قتل المستوطنين الثلاثة، فتدخلت الولاياتالمتحدة لحض الدولة العبرية والسلطة الفلسطينية على تهدئة الأوضاع، فضلاً عن حذر المؤسسة الأمنية من أن يقود الغليان لدى فلسطينيي القدس إلى «انتفاضة ثالثة». وتوقفت وسائل الإعلام العبرية عند تدخل الولاياتالمتحدة على خط التصعيد الحاصل بين إسرائيل والفلسطينيين لتحض الجانبين على منع تدهور الوضع في الضفة الغربية، في وقت ما زالت إسرائيل تتكتم عن قرارات حكومتها الأمنية المصغرة التي اجتمعت ثلاث مرات خلال 48 ساعة لبحث سبل الرد على مقتل المستوطنين الثلاثة. وذكرت صحيفة «هآرتس» أن الإدارة الأميركية تعمل جاهدةً لمنع تدهور الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية، واعتبرت بيان وزير الخارجية جون كيري الذي ندد بشدة بقتل الفتى الفلسطيني رسالة واضحة في هذا الاتجاه، فضلاً عن اتصاله الهاتفي برئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو. ونقلت عن موظف كبير قوله إن واشنطن تخشى اتساع دائرة الانتقام وعمليات الثأر، وعليه تحركت بسرعة لتهدئة الأوضاع بأسرع ما يمكن، ونشرت بيان استنكار كيري. وأشارت الصحيفة إلى التنديد الذي نشرته مستشارة الأمن القومي في البيت الأبيض سوزان رايس على حسابها الخاص على «تويتر» لمحت فيه إلى أن واشنطن تنتظر تحقيقاً إسرائيلياً جدياً وسريعاً في ظروف قتل أبو خضير ومحاكمة القتلة. وأردفت الصحيفة أن موظفين كباراً في البيت الأبيض أجروا اتصالات مع مكتبي نتانياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس لتهدئة الأوضاع. إلى ذلك، نقلت الإذاعة العامة عن فلسطينيين في قطاع غزة قولهم إن قادة حركة «حماس» لا يأتمنون الجانب الإسرائيلي وحديثه عن تفادي عملية عسكرية واسعة في القطاع وأنهم يتخذون كل سبل الحيطة والحذر من خديعة إسرائيلية. ورأى المعلق السياسي في الإذاعة أن إسرائيل ما زالت تتخبط في اختيار «الرد المناسب» على قتل المستوطنين الثلاثة، وأن أمام سدنتها ثلاثة اقتراحات: توجيه ضربة شديدة لقادة «حماس» في القطاع، أو تصفية عدد من قادتها، أو القيام بعملية عسكرية واسعة في القطاع. وأضاف أن نتانياهو والمؤسسة الأمنية ليسا معنيين بالخيار الثالث، لكنه تابع مستدركاً أن المسألة تتعلق بمدى صمود نتانياهو في وجه ضغوط اليمين المتشدد المطالب بعملية عسكرية بل بإعادة احتلال القطاع. وأضافت الصحيفة أن إسرائيل وعلى غير عادتها بعثت برسالة إلى قادة «حماس» في القطاع تبلغهم بعدم نيتها التصعيد، وأنها ستمنح الحركة «مخرجاً» أخيراً قبل شن عملية عسكرية كبيرة، «بينما ستقابل الهدوء بالهدوء». ورأى معلق عسكري أن إسرائيل تأخذ في حساباتها أيضاً، خصوصاً بعد قتل الفتى الفلسطيني، أن تشتعل المنطقة كلها، بما في ذلك الأردن ومصر ولبنان، وهو ما لمح إليه وزير الدفاع موشيه يعالون في تصريحاته. وكان صاروخ أصاب بيتاً في بلدة سديروت جنوب إسرائيل أسفر عن أضرار في الممتلكات، رد عليها جيش الاحتلال بغارات مكثفة على القطاع. إلى ذلك أفادت مصادر عسكرية أن الأوامر التي تلقتها قوات الاحتلال في القدسالمحتلة تقضي بوجوب التصرف «بضبط نفس» وبذل الجهود لتهدئة الوضع، بعد يوم غضب عارم شمال شرقي المدينة. كما تلقت تعليمات بأن تكون في جاهزية تامة اليوم، بعد صلاة الجمعة الأولى من شهر رمضان المبارك في المسجد الأقصى، في ظل مخاوف من انفجار الوضع هناك كما حصل قبل نحو 14 عاماً وأشعل الانتفاضة الثانية. وقارن بعض المعلقين حادثة قتل الفتى أبو خضير، واستشهاد الصبي محمد الدرة في أحضان والده فاشتعل القطاع أيضاً. في غضون ذلك، تظاهر نحو ألف من أنصار السلام اليهود في القدس مساء أول من أمس تحت شعار «كفى للعنف والقتل». من جهته أصدر المستشار القضائي للحكومة يهودا فاينشتاين تعليماته إلى الشرطة بالشروع في التحقيق مع دعوات التحريض على القتل التي نشرها يهود وعرب على صفحات التواصل الاجتماعي، خصوصاً الذين أنشأوا صفحة تحت عنوان «شعب إسرائيل يطالب بالانتقام»، انضم إليها في غضون يومين 30 ألف صديق بينهم جنود بزيهم العسكري طالبوا بإطلاق أياديهم لقتل العرب. وادعى المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي أنه سيعالج «دعوات كهذه إن صدرت فعلاً بمنتهى الصرامة».