دخلت عمليات الاقتراع في أول انتخابات تشريعية تشهدها مصر بعد إسقاط نظام حسني مبارك أمس، يومها الثاني في أجواء من الفرح بهذه الخطوة الأولى نحو الديمقراطية، بعد الإقبال الكبير والهدوء اللذين خيما على يومها الاول. وانتظمت العملية الانتخابية من الساعة الثامنة صباحًا، مع تأخير في فتح أبواب الاقتراع في 22 دائرة بمحافظتى القاهرة والفيوم. وإزاء الإقبال المتزايد من الناخبين في اليوم الثاني والأخير من المرحلة الأولى، طلبت العديد من اللجان صناديق اقتراع اضافية. وتلقت غرفة العمليات في وزارة الداخلية أمس اخطارات من كل اللجان، تفيد بسلامة صناديق اقتراع اليوم الاول. ورغم عدم تسجيل أي حالات عنف أو بلطجة، إلا أن الانتخابات شهدت بشكل ملحوظ معارك تكسير عظام بين أحزاب التيارات الإسلامية، وبخاصة بين حزبي النور (السلفي) والحرية والعدالة (الإخوان المسلمين)، وبين هذه الأحزاب من جهة والكتلة المصرية التي تضم معظم الأحزاب والقوى الليبرالية، وبخاصة حزب «المصريين الاحرار» و«التجمع المصري الديمقراطي والاجتماعي». وفي محافظة كفر الشيخ (دلتا مصر) معقل حزب النور والقيادي السلفي أبو إسحق الحوينى، وقعت امس مشادات بين مؤيدي الحزب ومؤيدي حزب الحرية والعدالة (الاخوان المسلمين)، تطورت إلى تشابك بالايدي؛ بسبب الدعاية خارج اللجان، وقام رجال القوات المسلحة بفض الاشتباك. وفي دمياط، نشبت معركة انتخابية منذ اليوم الاول بين حزبي الوسط (اسلامي وسطي)، وبين حزب «الحرية والعدالة» على خلفية اتهام نائب رئيس حزب الوسط عصام سلطان لحزب الحرية والعدالة بتسريب استمارات الانتخابات الاصلية وتوزيعها على الناخبين. وطالب سلطان اللجنة العليا للانتخابات بالتحقيق العاجل في هذه المخالفات التي اعتبرها كفيلة بالغاء قائمة «الحرية والعدالة» بالمحافظة. وشهدت الاسكندرية، منافسة حادة بين حزبي «النور» و«الحرية والعدالة» وصلت إلى حد اتهام «النور» ل «الحرية والعدالة» بالتحالف مع طارق طلعت شقيق رجل الاعمال المحبوس هشام طلعت مصطفى على المقعد الفردي بدائرة الرمل، مقابل الحصول على الكتلة التصويتية له في شرق الاسكندرية، بينما يساند «الحرية والعدالة» في صفقة انتخابية أخرى المستشار محمود الخضيري. وفي القاهرة، اتخذت المعركة الانتخابية شكلًا طائفيًا بين «الحرية والعدالة» وأحزاب الكتلة المصرية التي اتهمها باستغلال نساء قبطيات بالتحرش والاحتكاك بأحد المرشحين وطرده من مقر اللجنة، كما اتهم قساوسة بانتهاك قواعد الدعاية وتوجيه الناخبين في شبرا، واتهم أيضًا أقباطًا في منشية ناصر بالتجمهر والتهديد بأعمال بلطجة. ودعا حزب «النور» الناخبين لعدم اختيار عمرو حمزاوي لأنه يدعو لزواج المسلمة من المسيحى، في المقابل تقدمت الكتلة المصرية ببلاغ للنائب العام تدعوه للتحقيق في تجاوزات أحزاب لم يسمها تتمثل في ترويج الشائعات والاستخدام الصارخ للشعارات الدينية بشكل مخالف للقانون. كما اشتعلت حرب الاتهامات بين عدد من الأحزاب على رأسها «الحرية والعدالة» و«الوسط» و«الوفد»، بعدما تردد بفوز حزب الحرية (الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين) بفوز عدد كبير من أعضائها المرشحين في قوائم الفردي»فئات وعمال». واتهم حزب «الوفد»، حزب «الحرية والعدالة» في دائرة منطقة شبرا أكثر المناطق ازدحامًا وبها عدد كبير من الأقباط بأنه يستخدم الدعاية الدينية للحصول على مكاسب انتخابية، وتسويد أوراق تصويت خارج اللجان وتمزيق لافتات المنافسين، وهو ما نفاه حزب الإخوان المسلمين الذي اعتبر الاتهامات ضمن حملة إعلامية تشنها وسائل الإعلام ضده، كما اتهم «الوفد» الكنيسة بتوزيع قوائم انتخابية تتضمن قوائم مرشحي الكتلة المصرية والمصريين الأحرار، محذرين من خطورة تلك الممارسات على وحدة النسيج الوطني، كما حذروا من استغلال الأديان في التنافس الانتخابي. ووقعت مناوشات بين طارق سباق مرشح حزب «الوفد» والدكتور حازم فاروق مرشح «الإخوان»، وصلت إلى التشابك بالايدى؛ بسبب توزيع المنشورات من جانب الإخوان التي تؤيد مرشحهم فاعترضهم أنصار مرشح الوفد ووقعت مشادة كلامية، ونجح الأمن في فضها قبل أن تتطور، واتهم حزب «الوسط»، «الحرية والعدالة» بتسويد استمارات التصويت خارج اللجان ثم إعطائها للناخبين لوضعها في صناديق التصويت لصالحهم. وتجرى المرحلة الثانية من الانتخابات في الرابع عشر من ديسمبر، والثالثة والأخيرة في الثالث من يناير المقبل، ثم تجرى بعد ذلك انتخابات مجلس الشورى المقررة في الفترة من 29 يناير حتى 11 مارس المقبل ثم يتم تشكيل لجنة اعداد الدستور للانتقال إلى المستقبل والتمهيد لانتخاب رئيس الجمهورية في مشهد يكتمل مع نهاية يونيو من العام المقبل.