تقوم الكندية اللبنانية ماريان زحيل (مولودة في بيروت عام 1969) بوضع اللمسات الأخيرة على فيلمها الجديد «وادي الدموع La Vallee des Larmes» الذي تقول إنه سيصبح جاهزاً للعرض في كندا ولبنان خلال العام المقبل. الفيلم من النوع الروائي الدرامي، مدته 96 دقيقة، وناطق باللغة الفرنسية. ووقائع التصوير جرت في لبنان وكيبك على يد بيار مينيون أحد مشاهير المصورين السينمائيين في العالم. ويشترك في أداء أدوار الفيلم ممثلون كنديون وعرب بينهم مصريون (جوزيف أنطاكي) ولبنانيون أمثال زياد كرم ووفاء طربيه وليلى حكيم ووليد العلايلي وهيام أبو شديد وطلال الجردي. الفيلم من إخراج وإنتاج وسيناريو زحيل المقيمة في مونتريال منذ 15 عاماً، وهي تتكلم العربية والفرنسية والإنكليزية والألمانية. ومتخصصة في الإنتاج المرئي والمسموع. ولها عدة أعمال تلفزيونية وثائقية بثت على قنوات كندية وأوروبية، فضلاً عن عضويتها في عدة لجان تحكيمية عربية وأجنبية. وكان أول ما انتجته فيلم «من نافذتي من دون وطن – De Ma Fenetre sans Maison» الذي عرض في مهرجانات عربية وكندية. رؤية مغايرة خلافاً لأفلام سينمائية تناولت مجزرة صبرا وشاتيلا (وقعت إبان الاحتلال الإسرائيلي للبنان يومي 16 و17 أيلول 1982 وذهب ضحيتها حوالى 3500 مدني فلسطيني ولبناني قتلوا على أيدي الميليشيات اليمينية اللبنانية المتحالفة حينذاك مع إسرائيل) وتوقف بعضها عند الجانب العسكري أو السياسي أو الوثائقي الذي بات معروفاً جيداً في الأوساط الفلسطينية واللبنانية والعربية وأمام المحاكم الدولية، تؤكد زحيل في لقاء مع «الحياة» أن «وادي الدموع» لم يتطرق إلى أي من تلك الجوانب. بل هو يتمحور «حول فكرة إنسانية بالدرجة الأولى» وفيه إدانة صارخة لمجمل الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان والتي تعرّض إليها أشخاص مدنيون أبرياء في الشرق الأوسط وخارجه ولا يزالون يعيشون في ظل معاناة وآلام يومية ينبغي تسليط الضوء عليها وجعلها مدخلاً لحل أممي شامل». وتشير زحيل إلى أن هذه النزعة المثالية المتمثلة في منحى الفيلم الإنساني هي بمثابة «رد غير مباشر» على الفيلم الإسرائيلي «رقصة فالس مع بشير». وتكتفي زحيل بهذا القدر من المعلومات المقتضبة «حرصاً على عدم كشف المفاصل الأساسية للفيلم وغيرها من التفاصيل الدقيقة». وفي السياق ذاته ترى ناتالي كوبال بطلة الفيلم (ممثلة كندية كوميدية وواضعة الموسيقى التصويرية للفيلم) أن «الفيلم يبتعد عن الخطاب التقليدي الذي نتلقاه عندنا عن الأحداث التي تجرى في الشرق الأوسط». أما وقائع الفيلم فتدور حول «علي» وهو شاب فلسطيني نجا من المجزرة (ويقوم بدوره زياد كرم) تتلقى منه مريم (كوبال) بحكم كونها ناشرة متخصصة بجمع شهادات الناجين من الإبادات الجماعية في العالم، أوراقاً عدة ترد تباعاً إلى مكتبها في مونتريال. ويتحدث فيها عن مأساته كنموذج لمعاناة العديد من فلسطينيي المخيمات. وتشاء الصدف أن تتعرف كوبال على المصري جوزيف أنطاكي (جوزيف) الذي يتولى دهان المكتب الذي تعمل فيه. ويزودها هذا بمعلومات وصور أخرى عن مآسي الفلسطينيين، الأمر الذي دفعها ليس إلى الاكتفاء بما يردها من رسائل ومعلومات أو الاطلاع على تقارير المنظمات الدولية أو ما ينشر على مواقع الإنترنت وحسب، بل حتى إلى السفر إلى لبنان وزيارة مخيم صبرا وشاتيلا ولقاء أفراد من أسرة «علي» وغيرهم من أبناء العائلات الفلسطينية. «فاكتشف، كما تقول، معلومات جد مؤثرة وغير متوقعة تذكر بفظاعتها ما خلفته حروب الإبادة القذرة في أكثر من منطقة في العالم». ولدى سؤال المخرجة عن الرسالة التي تود إبلاغها تقول: «على رغم أن الفيلم يؤرخ لجانب مأسوي من مشكلة الشعب الفلسطيني المعقدة جداً، إلا أنه في الوقت نفسه رسالة سلام تناهض كل أشكال الكراهية والعنف والحقد تلافياً لغرسها في نفوس الأجيال الصاعدة».