أثار غياب البلطجة وأعمال العنف عن أول انتخابات تجرى في مصر بعد سقوط الرئيس المخلوع حسني مبارك تساؤلات عدة، خصوصاً أن الهاجس الأمني كان يغلِّف الاستعدادات لهذا الاستحقاق، كما طرح شكوكاً جدية في الأسباب الحقيقية لحال «الانفلات الأمني» التي تشهدها البلاد، والتي اختفت تقريباً خلال الانتخابات. وأرجع بعضهم غياب البلطجية إلى غياب الحزب الوطني وجهاز أمن الدولة اللذين كانا يستخدمانهم في تزوير الانتخابات، فيما شكك آخرون في جدية الأجهزة الأمنية في ملاحقة البلطجية منذ اندلاع الثورة، مشيرين إلى أنها «عندما أرادت ضبط الأمور فعلتها». لكن السلطة اعتبرت أن العامل الأول في استتباب الحالة الأمنية يعود إلى «إصرار المصريين على إنجاح التحول الديموقراطي». ويعد الموسم الانتخابي الأكثر رواجاً للبلطجية، لكن بعد اندلاع الانتفاضة الشعبية في كانون الثاني (يناير) الماضي، ظهروا أكثر عنفاً في «موقعة الجمل» حين هاجموا المتظاهرين في ميدان التحرير. وبعدها انتشروا بكثافة في الشارع ليثيروا الرعب. والبلطجة لا تقتصر على الرجال فقط، بل هناك بلطجيات يقمن بالمهمة نفسها ويشتهرن بأسماء تثير الرعب، ويتم طلبهن لمهمات خاصة. ولم تشهد المرحلة الأولى من الانتخابات أي حوادث عنف، باستثناء دائرة البداري في محافظة أسيوط (جنوبالقاهرة) عندما قطع أنصار مرشح طريقاً رئيساً احتجاجاً على حكم قضائي يقضي باستبعاده من الانتخابات، كما لم تشهد سقوط ضحايا، باستثناء إصابات طفيفة نتيجةَ التزاحم، ووفاةِ أحدهم متأثراً بأزمة قلبية. وعزا نائب مدير الإعلام في وزارة الداخلية اللواء هاني عبداللطيف مرور المرحلة الأولى من الانتخابات إلى «وعي المواطن المصري والتزامه وإصراره على إنجاح العملية الديموقراطية». وقال ل «الحياة» إن «الناخب المصري هو النجم الأول لهذا الاستحقاق». واعتبر أيضاً أن «التنسيق التام بين قوات الشرطة والجيش كان السبب وراء ضبط الأمن وعدم حصول تجاوزات على نطاق واسع». ورفض الانتقادات التي تُوجَّه إلى الأداء الأمني في الشارع، مؤكداً أن «الأداء الأمني كان فعالاً، ونتائجه إيجابية». ولفت إلى مقتل نحو 40 من أفراد الشرطة خلال الأشهر الستة الأخيرة «في عمليات ملاحقة البلطجية والمسجلين خطر». واعتبر أن أجهزة الشرطة «كانت تتحمل مسؤولية غياب الأجهزة التنفيذية لكن بعد انتخاب البرلمان سيخفَّف العبء عن الشرطة». ورأى أن «المشكلة كانت في غياب الأجهزة التنفيذية والشعبية والمحلية عن الشارع، فلم نجد مسؤولاً يتحدث إلى الناس لتهدئتهم وحلِّ مشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وهو ما تسبب في انفجارات عدة في وجه الشرطة».