على ضفاف نهر الفرات الذي يطلق عليه عندما يمر بمدينة الكوفة اسم «شط الكوفة» ينثر الصياد صيهود شبكة الصيد وهي شبه رطبة لا يوجد فيها «اسود ولا ابيض» بحسب قوله. يحبس صيهود أنفاسه بألم ويتذكر الايام الخوالي عندما كانت شبكته تمتلئ بأنواع الأسماك في كل رحلة صيد. يجلس الصيادون او «البلامة» كما يعرفون في الكوفة مجتمعين على ضفاف نهر الكوفة وهم يعدّون على حطب الخشب أباريق الشاي ويحتسون الأكواب واحداً بعد الآخر في درجة حرارة مرتفعه تصل الى 48 درجة مئوية ويتسامرون من دون صيد، فالجفاف وقلة المياه ضربا أرزاق هؤلاء الذين لا يعرفون مهنة أخرى. يقول الصياد صيهود ل «الحياة»: «ليست لدينا مهنة نزاولها غير صيد الأسماك، فهي متوارثة عبر الأجيال، ورثناها نحن الصيادين من آبائنا ولكننا لا نريد ان نورثها لأبنائنا بعد الضرر الذي اصابنا». وأضاف: «الخير كان كثيراً في النهر، فقط نسمّي ونرمي الشباك في النهر فيأتي بخيرات الله من أنواع الأسماك المختلفة». وكان نهر الفرات الذي يمر في الكوفة (250 كلم جنوب بغداد) يمتلئ بالزوارق النهرية الصغيرة لصيادي الاسماك، لكن هذه الزوارق لا تستطيع اليوم ان تمخر النهر لشدة الجفاف. وتتعرض مناسيب مياه نهري دجلة والفرات لموجة جفاف شديدة منذ عامين بسبب قلة المياه الواردة اليهما من المنابع التركية، فيما اعلنت منظمات دولية ان النهرين يمكن ان يتعرضا لجفاف كامل في غضون 20 سنة.