أكد البابا بنديكتوس السادس عشر أنه «عازم على زيارة لبنان في الخريف المقبل»، معرباً عن إيمانه، خلال استقباله امس، رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي بأن لبنان «سيبقى وطن الرسالة بين دول العالم». وعبر عن محبته «الكبيرة للبنان وشعبه»، وقال انه سيظل «يصلي للبنان ويعمل لسعادته وهنائه وتقدمه وراحة شعبه». وكان ميقاتي وصل إلى الفاتيكان يرافقه السفير اللبناني جورج خوري والوفد المرافق، وعقد البابا مع ميقاتي خلوة استمرت 35 دقيقة. وذكر مكتب ميقاتي الإعلامي أن رئيس الحكومة قال خلال الخلوة «إننا في هذه الأوقات الصعبة التي يمر بها لبنان في أمس الحاجة إلى الصلاة ليقي الله وطننا الويلات والشرور». وأضاف: «تمر منطقتنا بظروف صعبة جداً وإني أسعى لإبعاد وطننا عن تداعيات الأحداث التي تجري من حولنا»، لافتاً إلى أن «المسيحيين في الشرق كانوا من دعائم الحريات وحقوق الإنسان وحرية المعتقد، ووجدوا على الدوام الملاذ الآمن في لبنان، وبقدر ما يشعر المسيحيون في لبنان بالأمان بقدر ما ينعكس ذلك على كل المسيحيين في الشرق». وأعرب ميقاتي عن ثقته «بأن الكرسي الرسولي يمكنه القيام بدور كبير في هذا الإطار»، وشدد على «أن هجرة المسيحيين من لبنان ليست مرتبطة أبداً بأسباب دينية بل بظروف اقتصادية صعبة يعاني منها جميع اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم». وأكد» أن الإسلام هو دين تسامح وانفتاح وقبول الآخر على أساس التعاون مع سائر الديانات». والتقى البابا زوجة ميقاتي السيدة مي وأعضاء الوفد اللبناني والتقط معهم الصور وقدم لهم هدايا تذكارية كما تبادل الهدايا التذكارية مع ميقاتي. لقاءات وعقد ميقاتي اجتماعاً مع أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال ترشيسيو برتوني ووزير الخارجية المونسنيور دومينيك مامبرتي. وعبر الأخيران، وفق بيان المكتب الإعلامي، «عن قلق الكرسي الرسولي للوضع في الشرق الأوسط، ليس فقط بالنسبة إلى المسيحيين، بل أيضاً لكل المجتمعات الأخرى». وأكدا «أنه يجب العمل لتهدئة النفوس» وتمنيا «أن تسود لغة العقل»، وشددا على» أن لبنان أساسي للوجود المسيحي في الشرق وهو كان على الدوام مثالاً للعالم حول كيفية تعايش المجتمعات مع بعضها بعضاً». وأشارا إلى «أن لبنان يحظى باهتمام خاص من الكرسي الرسولي». وأكدا «أن صدقية أي حكومة أن تؤمن التزامات البلد خصوصاً مع المجتمع الدولي». وأدلى ميقاتي بتصريح في نهاية لقاءاته أوضح فيه أن البابا حمّله «محبته الكبيرة إلى اللبنانيين وتعاطفه معهم في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به منطقة الشرق الأوسط ، مؤكداً أهمية استمرار الدور الذي يقوم به اللبنانيون وتفاعلهم مع محيطهم العربي، ما يبقي لبنان بلداً ريادياً وذا فرادة». وأشار إلى أن البحث «ركز على الأوضاع العامة في المنطقة والتطورات التي تحصل فيها وكان تأكيد متبادل لأهمية تفعيل العلاقات الإسلامية - المسيحية التي وإن شهدت بعض الخلل في بعض الدول العربية لاسيما ما حصل في العراق ومصر، إلا أنها تبقى النموذج الذي ينبغي أن تتضافر كل الجهود للحفاظ عليه وتوفير كل مقومات الاستمرار له، لأنه يشكل ميزة مشرقة لتفاعل الحضارات والثقافات، في مواجهة محاولات التفرد أو التهميش والاستئثار». وقال انه اكد للبابا «أن الإسلام دين تسامح وانفتاح وقبول الآخر على أساس التعاون مع سائر الديانات، وطمأنته والمسؤولين في الكرسي الرسولي الذين التقيتهم ولاسيما منهم أمين سر الدولة الكاردينال برتوني والوزير مامبرتي إلى أن لبنان سيبقى ملتقى للحضارات والثقافات المتعددة، وإن التعايش الإسلامي والمسيحي فيه قيمة كبرى يحرص اللبنانيون، إلى أي طائفة انتموا، على حمايتها وتعزيزها لأنها أثبتت أنها قادرة، على رغم ما تعرض له لبنان في تاريخه القديم والحديث، على إعادة إنتاج الصيغ التوافقية التي نهضت بلبنان من الكبوات التي مني بها. وهذه القيمة باتت نموذجاً يحتذى لمعالجة ما تعرض له الوجود المسيحي من خضات في عدد من الدول العربية». وأشار ميقاتي إلى انه سمع «من المسؤولين في الكرسي الرسولي كلاماً مشجعاً عن أهمية الحفاظ على الوفاق الوطني بين اللبنانيين وضرورة توفير كل مقومات النجاح له، لأن به خلاص اللبنانيين وقدرتهم على الحفاظ على وطنهم واحداً موحداً تسوده الألفة والمحبة والتعاون بين كل مكوناته لتنمو اكثر فأكثر ثقافة الحوار والتسامح بين المسلمين والمسيحيين الذين يؤمنون بالله الواحد الأحد الذي لا شريك له، وينبذون بقوة الضغينة وعدم التسامح والقهر والتعصب بكل أشكالها وتحت كل سماء، وإن الإيمان يجمع بين المسلمين والمسيحيين، وإن هذه الدعوات نجدها في خصوصية لبنان من خلال عيشه المشترك الذي نرى فيه دعامة وجوده واستمراره. وأكدت أن اللبنانيين الذين يؤمنون بإله واحد سيواصلون معاً الإخلاص لوطن واحد والعمل من اجل دولة واحدة في شرقٍ هم جزء لا يتجزأ منه وهم الرواد فيه». واعتبر ميقاتي أن محادثاته مع البابا والمسؤولين في الفاتيكان «كانت فرصة لشرح توجهات الحكومة اللبنانية حيال التحديات التي تواجه لبنان، ويسعدني أن أشير إلى أني لمست ارتياحاً بابوياً لما نقوم من جهد في الحفاظ على الأمن والاستقرار في لبنان، وتشجيعاً على الاستمرار في التزام الخيارات الوطنية التي يجمع عليها اللبنانيون، فضلاً عن تعزيز العلاقات بين لبنان والمجتمع الدولي الذي يتابع ما يجري من أحداث حول لبنان ويرغب فعلياً في إبقاء بلدنا في منأى عن تداعياتها». وأضاف: «كما تطرق البحث إلى الوضع في منطقة الشرق الأوسط عموماً وفي فلسطين خصوصاً وقدرت ما يقوم به الفاتيكان من جهد لتحقيق السلام العادل والشامل. ويمكنني التأكيد أن الفاتيكان يتابع عن قرب التطورات الحاصلة في المنطقة العربية، وما يرافقها من تحولات، ويعمل لأن يكون للإنسان العربي ما يحفظ حريته وكرامته واستقلاليته، وهي قيم لن يألو الفاتيكان جهداً في الحفاظ عليها». والتقى ميقاتي في مقر إقامته، وزير خارجية إيطاليا غروليو تيرزي دي سانتاغوتا الذي اكد وفق البيان الإعلامي، «وقوف بلاده إلى جانب لبنان مثنياً على موقف رئيس الحكومة اللبنانية من القرار الدولي 1702 والتزامات لبنان الدولية». والتقى وفداً من «مؤسسة سان أجيديو» التي تعنى بالحوار بين الثقافات والأديان واطلع منه على نشاطات المؤسسة لا سيما التعاون القائم بينها وبين هيئات عدة في لبنان.