يبدأ البابا بينيدكتوس السادس عشر اليوم زيارة رسمية الى لبنان يوقع خلالها الإرشاد الرسولي لمسيحيي الشرق في "بازيليك" سيدة لبنان في حريصا، والبابا الآتي في مرحلة دقيقة الى الشرق الأوسط كان اليد اليمنى للبابا الراحل يوحنا بولس الثاني الذي زار لبنان منذ 15 عاما. يعرف البابا بينيديكتوس السادس عشر بالتزامه للحوار بين الأديان. وعلمت "الرياض" من مصادر فاتيكانية في بيروت أنّه "يرافق البابا وفد بابوي رفيع المستوى يتألف من 30 شخصاً، وفي طليعة الشخصيات المرافقة أمين سرّ دولة الفاتيكان (بمثابة رئيس الوزراء) الكاردينال برتوني، أمين سرّ المجمع الشرقي الكاردينال ساندري، رئيس المجلس البابوي للحوار بين الأديان الكاردينال توران والمسؤول عن القسم المسكوني المونسينيور كوك". الإرشاد الرسولي الجديد الذي سيعلنه البابا أعقب مجمع مسيحيي الشرق عام 2010 الذي جاء إثر مأساة مسيحيي العراق وتعاظم القلق من الهجرات المسيحية في الدول العربية، وكان الخطر المنبه لذلك النزوح الكثيف للمسيحيين من العراق الى الخارج. ويشير مستشار رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري الدكتور داود الصايغ الى أن "ما غذّى هذه المأساة العراقية القلق على وضع مسيحيي الشرق بسبب الصدامات المستمرة في مصر بين الأقباط والمسلمين في مصر، فضلا عن تفريغ الأراضي المقدسة في فلسطين من المسيحيين في القدس حيث ما يزال يعيش هناك زهاء 8 آلاف نسمة فحسب في القرى المجاورة للقدس". وصودف انعقاد هذا المجمع مع بداية الثورات العربية، وما نشأ من وضع المسيحيين في سوريا، فعمد الفاتيكان الى تدارس كيفية تأمين ضمانة الوجود المسيحي في الشرق "لأنه ثبت له بأن حماية الأنظمة واهية وغير مستدامة ومذلة"، بحسب توصيف الدكتور الصايغ. ربطاً بالأزمة السورية، فقد عبّر البابا نفسه عن مواقفه أكثر من مرّة، وقد قال أحد اهم معاونيه وزير الخارجية دومينيك مومبرتي في خطاب في السنة الفائتة في الأممالمتحدة إن موقف الفاتيكان في خلاصته "هو وقف أعمال العنف" لكنه دعا في الوقت ذاته "الى التجاوب مع التطلعات المشروعة للشعب السوري"، وقال "إن ضمانة الوجود المسيحي هي في المواطنة وليس في الحماية". ما أهمية إعلان الإرشاد الرسولي ذي الوجهة المشرقية من لبنان؟ يقول الصايغ "كانت لدى البابا خيارات عدّة لنشر الإرشاد في أي بلد عربي غير لبنان، لكنه اختار بلدنا لنشر إرشاد يتعلق بمسيحيي الشرق في دلالة كبرى مفادها الاعتراف بأهمية الوجود المسيحي في لبنان، ويتمثل الجانب السياسي في ما يمكن أن يقوم به الفاتيكان كمرجعية معنوية أولى في العالم".