لم تعد أم فيصل تحتمل ما ألقي على كاهلها من مشاق عانت منها سنوات طويلة، لتؤمن لعائلتها المأكل والمشرب ومكان يؤويهم من الشارع ومن سؤال الناس، وتقول أم فيصل: «لم اعد قادرة على مراعاة ابنتي البالغة من العمر 23 عاماً التي تعاني من فقدان حاد للسمع واستسقاء في الرأس، وعرضتها على أكثر من طبيب ولم يتحسن سمعها سوى بنسبة لا تكاد تذكر». وتضيف: «لا أعلم كيف سيكون مستقبل ابنتي من غير تعليم ولا زواج ولا علاج»، مؤكدة أن السبب الأهم في معاناتها هو عدم تحمل طليقها لمسؤولياته تجاه أسرته، «تركني لأكثر من عشرة أعوام من دون مصروف لأبنائه الخمسة، ما أجبرني في وقت سابق إلى الاقتراض من أحد فاعلي الخير وإنفاق المبلغ على حاجات أبنائي، ولولا الله ثم أن المقرض يعلم ظروفي لكنت في السجن منذ سنوات». وبعد مراجعات كثيرة في المحكمة أثبتت خلالها أنها العائل الوحيد لأبنائها، استلمت أم فيصل أخيراً مساعدة الضمان الاجتماعي، «يعطوني مبلغاً لا يزيد عن ألفي ريال لا يكاد يكفي للأكل والملبس». وتنتظر أم فيصل إعانة الضمان الاجتماعي وبما يجود به فاعلي الخير من مال كي تستطيع سداد إيجار منزلها، إضافة إلى جمعها صدقات المحسنين العينية في شهر رمضان. ولا تستطيع الأم الحزينة من إخفاء دموعها بسبب أولادها الذين وقعوا فريسة الجريمة والسرقات وأصدقاء السوء وأودعوا في غياهب السجن لسنوات طويلة نتيجة التفكك الأسري وظلت أم فيصل وحيده تكابد مراجعاتها وزياراتها لأبنائها ومحاولة مساعدتهم وبين البحث عن عمل يؤمن لمن بقي منهم لقمة تسد حاجاتهم، لافتة إلى أنها حاولت كثيراً السيطرة على ابنيها من دون جدوى، ما جعلها تعيش بين هم المسجون من أبنائها والعاجز الذي لا يستطيع القيام بنفسه.