لم تكن «القضية» التي تسبب فيها زوجها ودخل على إثرها السجن، كافية لتدمير حياة أم زكريا وأسرتها الصغيرة المكونة من أربعة أولاد. ولكن تبع ذلك معاناة مالية شديدة، دفعت الزوجة المحبطة إلى اللجوء إلى الجمعيات الخيرية، للحصول على مساعدة، وحتى هذه رفضت مساعدتها، بإيحاء من أسرة زوجها، الذي طُلقت منه بعد دخوله السجن. وتروي أم زكريا ما وصلت إليه من حاجة وبؤس، بعدما عاشت سنوات زواجها لا تسأل أحداً ولم تمد يدها لتطلب من أحد مساعدة: «كل ما حصل وما زال يحصل كان بسبب طليقي المسجون، بدأت المسألة بوضع نفسي سيئ جراء ما فعل وانتهت بضائقة مالية لا يعلم بها سوى الله». حصلت أم زكريا على الطلاق قبل صدور الحكم بسجن زوجها وجلده. وتقول: «في البداية كانت هناك زيارات متقطعة لشقيقه الوحيد، الذي كان يقدم لنا القليل من المال، والكثير من الدعم النفسي، إلا انه وبعد حصولي على الطلاق، انقطعت زياراته لنا، فتقدمت إلى الجمعية الخيرية في المنطقة التي أسكنها، وكان لا بد من إجراء بحث اجتماعي، إلا أن شقيق طليقي أكد لهم عدم حاجتنا إلى المال، فرفضوا طلبي، بحجة عدم أهليتي للمساعدة، خصوصاً أن أسرة طليقي مقتدرة وهم الأولى بمساعدتنا دون غيرهم». وتسكن أم زكريا مع أبنائها في شقة مستأجرة، يبلغ إيجارها السنوي 17 ألف ريال، فيما لا يتجاوز دخلها الشهري 1500 ريال. وتوضح: «700 ريال هي استحقاقي من الضمان الاجتماعي وحدي، ورفضوا منح أبنائي مساعدة، فابني الأكبر لديه هويته الشخصية ووظيفته، التي لا يزيد دخلها على 1800 ريال، وابنتي الكبرى لديها وظيفة براتب زهيد، لذا لم يقدموا لها مساعدة، أما ابناي الأصغر سناً، وهم بنت وولد، فلا يزالان ضمن بطاقة العائلة، فرفضوا مساعدتهما، على رغم مراجعتي الضمان مرات عدة».وتستطرد: «حجة الضمان الاجتماعي في عدم مساعدة بقية الأسرة هي أن طليقي لديه راتب شهري، مع أن البنك الذي كان يوجد فيه حسابه حجز الراتب لمدة سنة وثلاثة أشهر، فهو موظف حكومي يستلم خمسة آلاف ريال شهرياً، وبسبب القرض الذي عليه للمصرف، كان يستقطع ثلث الراتب، ويستلم هو الباقي، واستمر ذلك حتى بعد سجنه، إذ لم تتغير تلك النسبة، على رغم أنه بعد السجن أصبح راتبه نصف المبلغ السابق، وعند مراجعتهم أكدوا أن هذه هي الأنظمة المعمول بها، ولا يمكن تغييرها». وتضيف: «بعد سنة وثلاثة أشهر من المراجعات المستمرة لمؤسسة النقد العربي السعودي ورفع خطاب إلى إدارة المصرف، أخبرونا بأن هناك مبلغاً في الحساب، علينا استلامه، كما نستلم ما يبقى من راتبه وهو 600 ريال، وفي بعض الأحيان 800 ريال شهرياً، فيكون مجموع المبلغ الذي استلمه شهرياً من الضمان الاجتماعي وبقية راتب والدهم 1500 ريال»، متسائلة: «هل سيوفر هذا المبلغ حاجاتنا؟ وهل يكفي لمتطلبات الحياة مع ارتفاع الأسعار وارتفاع إيجار الشقق؟».