طليقة وأم لخمسة أطفال أحدهم معوّق، ترافقها الأحزان ويسيطر عليها الخوف، عاجزة ووحيدة تصارع العوز وتغالب الدموع، ولا يوجد من تشكي إليه سوى الله. هذه باختصار حياة بائسة عاشت فصولها «أم ديم» وأبناؤها. وتعود أم ديم بالذاكرة إلى الوراء، وتحديداً إلى أيام سعيدة لا تخفي أنها تشتاق إليها: «عشت مع زوجي حياة مستقرة خلال السنوات الأولى من زواجي، رزقت على إثرها بخمسة أطفال»، مستدركة: «إلا أن أصدقاء السوء أدخلوه في دوامة المخدرات، فتحوّل مع مرور الزمن إلى شخص آخر لا أعرفه ويخافه أبناؤه». وتوضح: «عندما سقط زوجي في وحل المخدرات بات وحشاً قاسياً علينا، خصوصاً بعدما تم فصله من وظيفته الحكومية، ما زاد من تدهور أوضاعنا، خصوصاً الوضع المادي، ولم أكن أتصور أن يمتد السوء إلى أكثر من ذلك». كانت بداية التحول - بحسب أم ديم - هى تكرار غيابه عن الدوام بسبب سهره مع أصدقاء السوء وتعاطيه المخدرات، «حانت النقطة السوداء في حياتنا، عندما فُصل عن عمله، موضحة: «تتابعت الأمور السيئة خلال فترة وجيزة، وارتفعت وتيرتها آخر الأيام، حتى وصل الأمر إلى محاولته الاعتداء على ابنته الكبرى ذات العشرين عاماً». وتستطرد: «بادرت فوراً إلى إبلاغ الشرطة بالحادثة، فقد بات من المؤكد أن وجوده في المنزل أصبح يشكّل هاجس خوف لي ولأبنائي، ولم يعد الخوف من الضرب، بل تجاوز إلى جسد ابنته الكبرى»، مشيرة إلى أنها لا يمكن أن تنسى قسوته وضربه الدائم لابنها المصاب بشلل رباعي وتخلّف عقلي. سجن الزوج مدة شهر، وقبل موعد خروجه قررت أم ديم الهرب من المنزل خوفاً من زوجها، «طلقني بعد خروجه من السجن مباشرة، ولم تعد لي علاقة به، إذ عمل أهل الخير على توفير سكن لي ولأبنائي بعيداً عنه». ما زاد من معاناة أم ديم أن زوجها لم يستخرج شهادة ميلاد لابنتها الصغرى، والتي أصحبت مع مرور الوقت مجهولة الهوية، لافتة إلى أن مشكلاتها المادية تتفاقم، خصوصاً أن ما تتقاضاه من الضمان الاجتماعي باعتبارها مطلقة قليل جداً، «لا شك أن مساعدة الضمان مهمة للأسر المحتاجة، وأدعو الله أن يحفظ بلادنا ويجزي المسؤولين خير الجزاء على هذه المساعدة، ولكن أؤكد لكم أن مبلغ الضمان لا يفي بالمتطلبات الأساسية لأبنائي، فعددهم خمسة بينهم معوّق في حاجة إلى رعاية من نوع خاص»، وزادت: «ألجأ بين الحين والآخر وتحت وطأة الحاجة للاقتراض من بعض المعارف والجيران، ما زاد من معاناتي، خصوصاً أن تلك المبالغ تراكمت حتى وصلت إلى 15 ألف ريال ولن أقدر على سدادها تحت هذه الظروف». ويظل الإيجار هو الكابوس المؤلم لأسرة أم ديم، «لا أنام الليل وأخاف أن أتسبب في تشرّد أبنائي، فصاحب المنزل يطالبنا بمبلغ 32 ألف ريال وهي عبارة عن مبالغ إيجار متراكمة»، متمنية من فاعلي الخير مساعدتها والعمل على توفير منزل يضمها مع أبنائها.