عاشت سنوات تبحث عن مصدر يؤمن لها الرزق والمعيشة لأبنائها الثمانية، لم تستسلم للفقر، ولكنها مضطرة طرقت أبواب الجمعيات الخيرية التي رفضت استقبالها أو إبقاءها على قائمة الانتظار لأشهر. وتحت ضغط الحاجة وواجبات الأم، فضلت العمل في المدارس، وانتقلت من مدرسة إلى أخرى لأخذ أجرة خدمة معينة تغطي قوتها وقوت أبنائها ليوم واحد. تقول أم حسين: «انفصلت عن زوجي منذ سنوات وفضلت العيش وحيدة والبقاء في منزل والدي مع أبنائي، لأن حياتي كانت مهددة مع زوج مدمن يتعاطى المخدرات». وتضيف: «كان كثيراً ما يدخل إلى المنزل وينهال علي بالضرب والشتم نتيجة تأثير المسكر، وفي أحيان أخرى يهددنا بالقتل»، مؤكدة أنه في أحد الأيام عمد إلى إشعال النار في المنزل ونحن موجودون فيه. بعد أن نفد صبرها ولم تعد تستطيع العيش معه، ونتيجة لخوفها على فلذات أكبادها، تقدمت أم حسين بشكوى إلى الشرطة وجرى فتح محضر هناك، وأُخذ على زوجها تعهد بعدم التعرض إليها مرة أخرى، «ورفعت عليه قضية في المحكمة، معللة: «بت أخاف على بناتي بسبب أصدقاء السوء الذين يحضرون برفقة زوجي إلى المنزل وقد سهرت كثيراً وأنا متعبة لحماية بناتي». لم تتوقف مشكلات أم حسين على زوج مدمن وظروف مالية سيئة، بل امتدت لتشمل ابنها الأكبر حسين الذي ما زال في العقد الثاني من عمره، فقد أصيب بإعاقة مستديمة أقعدته عن الحركة، وهو يعاني من شلل في المخ وعدم القدرة على الاعتماد على النفس والسير في شكل طبيعي. وتحكي أم حسين عن حال ابنها: «لا أستطيع السيطرة عليه وضبط تصرفاته»، إضافة إلى أنها لا تستفيد من أية جهة تهتم بذوي الاحتياجات الخاصة وصعوبات التعلم أو أي مركز تأهيلي يمكن أن تلحق ابنها به لعلاجه. وتوضح: «ذهبت به إلى مدينة سلطان الإنسانية عن طريق سيارة أجرة بقيمة 300 ريال ذهاباً وعودة، ولطول المسافة وغلاء السعر توقفت عن العلاج لعدم وجود سيارة خاصة تقضي حاجاتي»، لافتة إلى أن شقيقها كان يعينها على المصروفات ويساعدها ولكنه توفي منذ فترة. لم تتحدث أم حسين عن مسيرتها مع الأمراض على رغم وضوح ذلك على حركتها وتأثيرها في صوتها، فهي تعتبر أن تلك الأمراض «أهون الشر». وبعد إلحاح أكدت أن لها مع مرضي السكر والضغط قصصاً طويلة كادت أكثر من مرة أن تودي بحياتها، خصوصاً أنها كانت تعمل في قصور الأفراح وإعداد القهوة لتأمين مبلغ يؤمن حاجات أبنائها لمدة يوم كامل. مصدر حزن العجوز المطلقة هي أنها تعجز كثيراً عن توفير المتطلبات الدراسية لبناتها الخمس، لا سيما أنهن يدرسن في مراحل مختلفة. ولا تخفي أن طليقها أثر سلباً على حياة بناتها، مستدركة: «أحصل على مساعدة من الضمان الاجتماعي فقط، وهذه الإعانة لا تفعل شيئاً لأسرة تسكن في بيت مستأجر وعدد أفراده كثيرون».