شكّلت قضايا الصعيد ومشكلاته طوال الأعوام العشرين الماضية، مادة خصبة لصنّاع الدراما المصرية، وبعدما كانت تقدم على فترات متباعدة، أصبحت لا تخلو طاولة جهات الإنتاج الحكومية أو الخاصة من هذه الأعمال، وجذبت لهجتها المحببة لدى الجمهور العربي والمصري على السواء النجوم لتقديمها. في موازاة ذلك زاد الطلب على دراما الصعيد من الفضائيات العربية مقارنة بأنواع الدراما الأخرى، وهو ما جعل قناة «ام بي سي مصر» تعرض مسلسلين صعيديين على التوالي قبل رمضان: الأول حصرياً بعيداً من رمضان وهو «سلسال الدم» لعبلة كامل ورياض الخولي وعلا غانم، والثاني «القاصرات» لصلاح السعدني وداليا البحيري وياسر جلال، وحقق نسبة مشاهدة عالية مقارنة بعرضه وسط زحام دراما رمضان الماضي. وتشهد مسلسلات رمضان هذا العام حضوراً مميزاً لدراما الصعيد، من خلال نتاجات يشارك في بطولتها فنانون من مختلف الأجيال، منهم من يعود إليها مجدداً، ومنهم من يجسدها للمرة الأولى في مسيرته. وفي مقدم هذه المسلسلات «دهشة» ليحيى الفخراني ونبيل الحلفاوي وفتحي عبدالوهاب وياسر جلال ويسرا اللوزي وتأليف عبدالرحيم كمال وإخراج شادي الفخراني، وتدور أحداثه حول رجل يوزع ثروته على بناته الثلاث، وهو على قيد الحياة، إلا أنهن يتخلين عنه بعد حصولهن على الثروة، لتتوالى الأحداث في قالب درامي مشوق يتطرق الى طمع النفس البشرية وجحود الأبناء. ويعود الفخراني من خلال المسلسل إلى دراما الصعيد بعد غياب، منذ قدمها في «شيخ العرب همام» عام 2010، وعلى رغم أنه قدم قبل عامين مسلسل دارت أحداثه في الصعيد إلا أنه جسّد فيه شخصية «خواجة» إنكليزي يدعى «الخواجة عبدالقادر»، علماً أنه قدم واحداً من أفضل أدواره الصعيدية في مسلسل «الليل وآخره» من تأليف محمد جلال عبدالقوي وإخراج رباب حسين. وللمرة الأولى يلعب محمود عبدالعزيز دور رجل صعيدي في «أبو هيبة في جبل الحلال»، ويجسد فيه شخصية رجل متعدد العلاقات النسائية، يتولى مسؤولية العائلة والحفاظ على أموالها وأراضيها، وتشاركه البطولة وفاء عامر ونرمين الفقي وطارق لطفي وتأليف ناصر عبدالرحمن وإخراج عادل أديب. ويقدم محمد رمضان شخصية الصعيدي للمرة الأولى أيضاً في الدراما التلفزيونية، رغم أنه قدمها في السينما في «ساعة ونصف» و»واحد صعيدي»، وذلك من خلال مسلسل «ابن حلال» الذي يجسد فيه شخصية شاب صعيدي فقير يحضر إلى القاهرة مع والدته وشقيقته من أجل الحصول على فرصة عمل، ويتميز بطيبة القلب ودماثة الخلق، ما يجعل أهل الحارة التي يقطن فيها يطلقون عليه «ابن حلال»، لكنه يتعرض لحادث يقلب حياته رأساً على عقب، وتشاركه البطولة وفاء عامر ومحمود الجندي وهالة فاخر وريهام سعيد وتأليف حسان دهشان وإخراج إبراهيم فخر. ويواصل أحمد مكي تقديمه للشخصية الصعيدية للعام الرابع على التوالي من خلال الجزء الرابع من مسلسل «الكبير أوي» الذي يلعب بطولته أمام دنيا سمير غانم وهشام إسماعيل وإخراج أحمد الجندي، وتدور أحداثه حول عمدة قرية «المزاريطة» الذي تزوّج من امرأة أميركية، وأنجب منها توأماً، تربى أحدهما في صعيد مصر، والثاني في الولاياتالمتحدة، ما ينتج عنه مفارقات كبيرة بينهما. ويحتوي بعض المسلسلات الأخرى على خطوط درامية، تدور أحداثها في الصعيد، أو تتحدث عن شخصيات من صعيد مصر تعيش في القاهرة أو الإسكندرية، ومن بينها «الوصايا السبع» لرانيا يوسف وسوسن بدر وآيتن عامر وهيثم زكي وإخراج خالد مرغي، و «سجن النسا» لنيللي كريم ودرة وروبي وإخراج كاملة أبو ذكري، و «تفاحة آدم» لخالد الصاوي وريهام عبدالغفور، و «أهل إسكندرية» لهشام سليم وبسمة وعمرو واكد، و «المرافعة» لفاروق الفيشاوي وباسم ياخور ودوللي شاهين. فهل ستحقق هذه الأعمال ما حققه معظم المسلسلات الصعيدية من نجاح لافت على المستويين الفني والجماهيري، أم ستمر مرور الكرام؟